الباب السّابع
في ذكر آبار المدينة وفضلها
اعلم أنه قد نقل أهل السير أسماء آبار بالمدينة شرب منها النبي صلىاللهعليهوسلم وبصق فيها ، إلا أن أكثرها لا يعرف اليوم فلا حاجة إلى ذكرها ، ونحن نذكر الآبار التي هي اليوم موجودة معروفة على ما يذكر أهل المدينة والعهدة عليهم في ذلك ، ونذكر ما جاء في فضلها :
بئر حاء
روى البخاري في «الصحيح» من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : كان أبو طلحة أكثر أنصار المدينة مالا من نخل ، وكان أحب أمواله إليه بئر حاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب.
قال أنس : فلما نزلت هذه الآية : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله! إن الله عزوجل يقول : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) ، وإنّ أحبّ أموالي إليّ بئر حاء ، وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرّها عند الله ، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله ، قال : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بخ ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» ، فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (١).
قلت : وهذه البئر اليوم وسط حديقة صغيرة جدا وعندها نخلات ويزرع حولها ، وعندها بيت مبني على علو من الأرض ، وهي قريبة من
__________________
(١) أخرجه البخاري في التفسير ، باب (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (٤٥٥٤) ، ومسلم في الزكاة ، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد (٩٩٨).