فنزلوا العالية على واديين يقال لهما : مذينيب ومهزور ، فنزلت بنو النضير على مذينيب واتخذوا عليه الأموال ، ونزل قريظة وهدل على مهزور واتخذوا عليه الأموال. وكانوا أول من احتفر بها الآبار وغرس الأموال ، وابتنوا الآطام والمنازل ، قالوا : فجميع ما بنى اليهود بالمدينة تسعة وخمسون أطما.
قال عبد العزيز بن عمران : وقد نزل المدينة قبل الأوس والخزرج أحياء من العرب ، منهم أهل التهمة تفرقوا جانب بلقيز إلى المدينة ، فنزلت ما بين مسجد الفتح إلى يثرب في الوطاء ، وجعلت الجبل بينها وبين المدينة ، فأبرت بها الآبار والمزارع.
ذكر نزول أحياء من العرب على يهود
قالوا : وكان بالمدينة قرى وأسواق من يهود بني إسرائيل ، وكان قد نزلها عليهم أحياء من العرب فكانوا معهم ، وابتنوا الآطام والمنازل قبل نزول الأوس والخزرج ؛ وهم : بنو أنيف حي من بلي ، ويقال : إنهم من بقية العماليق ، وبنو مزيد حي من بلي ، وبنو معاوية بن الحارث بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان ، وبنو الجذماء حي من اليمن.
قالوا : وكانت الآطام عز أهل المدينة ومنعتهم التي يتحصنون فيها من عدوهم ، فكان منها ما يعرف اسمه ومنها ما لا يعرف اسمه ، ومنها ما يعرف باسم سيده ، ومنها ما لا يدرى لمن كان ، ومنها ما ذكر في الشعر ، ومنها ما لم يذكر ، فكان ما بني هناك من الآطام للعرب بالمدينة ثلاثة عشر أطما.
ذكر نزول الأوس والخزرج المدينة
قالوا : فلم تزل اليهود الغالبة بها الظاهرة عليها حتى كان من أمر سيل العرم ما كان وما قص الله في كتابه ، وذلك أن أهل مأرب وهي أرض سبأ كانوا آمنين في بلادهم ، تخرج المرأة بمغزلها لا تتزود شيئا ، تبيت في قرية وتقيل في أخرى حتى تأتي الشام.
فقالوا : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) [سبأ : ١٩].