الباب التّاسع
في ذكر إجلاء
النبي صلىاللهعليهوسلم بني النضير من المدينة
وكان النبي صلىاللهعليهوسلم قد عقد حلفا بين بني النضير من اليهود وبين بني عامر ، فعدا رجل من بني النضير على رجلين من بني عامر فقتلهما ، فجاء النبي صلىاللهعليهوسلم إلى بني النضير يستعين في دية ذينك القتيلين.
فقالوا له : نعم يا أبا القاسم ، نعينك على ما أحببت.
ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ، ـ وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاعدا إلى جنب جدار من بيوتهم ـ ، فمروا رجلا يعلو هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه ، وانتدب لذلك أحدهم ، فصعد ليلقي عليه صخرة ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في نفر من أصحابه ، فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضياللهعنهم.
فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الخبر من السماء بما أراد القوم ، فقام وخرج راجعا إلى المدينة وأخبر أصحابه بما كانت اليهود همت به ، وأمرهم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم ، وسار حتى نزل بهم في ربيع الأول سنة أربع من الهجرة ، فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقطع نخيلهم وتحريقها.
وكان رهط من الخزرج من المنافقين قد بعثوا إلى بني إسرائيل : أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم ، إن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن خرجتم خرجنا معكم ، فتربصوا ذلك منهم ، فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب.
فسألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح ، ففعل ، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل ، فكان الرجل يهدم بيته ويأخذ بابه فيضعه على البعير وينطلق به ، واستقلوا بالنساء والأبناء والأموال معهم ، والدفوف والمزامير