رميثة ، ورسم عليه بالأبواب السلطانية أياما ، ثم حصلت الشفاعة فيه ، فرفع عن الترسيم ، وأقام يتردد إلى الخدمة السلطانية مع الأمراء ، إلى أثناء ربيع الآخر من السنة ، فحضر إلى الخدمة فى يوم الاثنين رابع عشره ، ثم ركب فى عشية النهار على هجن أعدت له وهرب نحو الحجاز ، فعلم السلطان بذلك فى يوم الثلاثاء ، فجرد خلفه جماعة من عربان العابد ، فتوجهوا خلفه ، وتقدم الأميران المبدأ بذكرهما ، ومن معهما من العربان ، فوصلوا إلى منزلة حقل ، وهى بقرب أيلة مما يلى الحجاز ، فأدركوه فى المنزلة ، فقبضوا عليه وأعادوه إلى الباب السلطانى ، فكان وصولهم فى يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر ، فرسم السلطان باعتقاله بالجب ، فاعتقل واستمر فى الاعتقال إلى يوم الخميس ، الثانى من صفر سنة عشرين وسبعمائة ، فرسم بالإفراج عنه. انتهى.
وذكر البرزالى ما يوافق ما ذكره النويرى فى نهاية الأرب ، فى القبض على رميثة بمكة ، وذكر أن ذلك فى يوم الثلاثاء رابع عشر ذى الحجة ، بعد انقضاء أيام التشريق ، وحمل إلى مصر تحت الاحتفاظ.
فلما وصل ، أكرمه السلطان وأجرى عليه فى كل شهر ألف درهم ، فبقى يجرى ذلك عليه نحو أربعة أشهر ، وهرب من القاهرة إلى الحجاز ، وعلم السلطان بهزيمته فى اليوم الثانى ، فكتب إلى الشيخ آل حرب يقول له : هذا هرب على بلادك معتمدا عليك ، ولا أعرفه إلا منك ، فركب شيخ آل حرب بالهجن السبق ، وسار خلفة مجدّا ، فأدركه نائما تحت عقبة أيلة ، فجلس عند رأسه ، وقال : اجلس يا أسود الوجه ، فانتبه رميثة ، فقال : صدقت ، والله لو لم أكن أسود الوجه ، لما نمت هذه النومة المشئومة حتى أدركتنى ، فقبض عليه وحمله إلى حضرة السلطان ، فألقاه فى السجن وضيق عليه ، فقيل له : إنه وجع يرمى الدم. وكان قبض عليه شيخ آل حرب ، فى شهر جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبعمائة. انتهى.
وإنما ذكرنا ما ذكره البرزالى ؛ لأنه يخالف ما ذكره النويرى فى أمرين ، أحدهما : فى تاريخ القبض على رميثة ؛ لأنه على ما ذكر البرزالى ، كان فى جمادى الأولى ، وعلى ما ذكر النويرى ، كان فى ربيع الآخر ، والآخر : أن ما ذكره النويرى ، يقتضى أن رميثة لما وصل إلى مصر أهين ، وما ذكره البرزالى ، أنه أكرم عند وصوله إلى مصر. وفيما ذكر البرزالى فائدة ليست تفهم من كلام النويرى ، وهى تاريخ القبض على رميثة وغير ذلك ، وكان من أمر رميثة أنه أطلق فى سنة عشرين وسبعمائة ، وتوجه إلى مكة ، ولكن أمر مكة إلى أخيه عطيفة ، على ما ذكر البرزالى ؛ لأنه قال فى تاريخه :