أحن إلى قومى وإن كنت نائيا |
|
فإنى قعيد البيت عند المشاعر |
وكفوا من الوجد الذى قد شجاكم |
|
ولا تعملوا فى الأرض نص الأباعر |
فإنى بحمد الله فى خير أسرة |
|
كرام معدّ كابرا بعد كابر |
فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه. فقال : ابنى ورب الكعبة ، ووصفوا له موضعه ، وعند من هو ، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه ، وقدما مكة ، فسألا عن النبىصلىاللهعليهوسلم ، فقيل : هو فى المسجد ، فدخلا عليه ، فقالا : يابن عبد المطلب ، يابن هاشم ، يابن سيد قومه ، أنتم أهل حرم الله وجيرانه ، تفكون العانى ، وتطعمون الأسير ، جئناك فى ابننا عندك ، فامنن علينا ، وأحسن فى فدائه ، قال : «من هو؟» قالوا : يزيد بن حارثة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فهلا غير ذلك» قالوا : وما هو؟ قال : «أدعوه فأخيره ، فإن اختاركم فهو لكم ، وإن اختارنى ، فو الله ما أنا بالذى أختار على من اختارنى أحدا» ، قالا : قد زدتنا على النصف وأحسنت ، فدعاه فقال : «هل تعرف هؤلاء؟» قال : نعم ، قال : «من هذا؟» قال : هذا أبى وهذا عمى ، قال : «فأنا من قد علمت ورأيت صحبتى لك ، فاخترنى أو اخترهما» ، قال زيد : ما أنا بالذى أختار عليك أحدا ، أنت منى مكان الأب والعم ، فقالا : ويحك يا زيد ، تختار العبودية على الحرية ، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟ قال : نعم ، قد رأيت من هذا الرجل شيئا ، ما أنا بالذى أختار عليه أحدا أبدا ، فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك ، أخرجه إلى الحجر فقال : «يا من حضر ، اشهدوا أن زيدا ابنى ، يرثنى وأرثه ، فلما رأى ذلك أبوه وعمه ، طابت نفوسهما فانصرفا. ودعى زيد بن محمد ، حتى جاء الإسلام فنزلت : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) فدعى يومئذ زيد بن حارثة ، ودعى الأدعياء إلى آبائهم ، فدعى المقداد بن عمرو ، وكان أبوه قبل ذلك المقداد بن الأسود ؛ لأن الأسود ابن عبد يغوث كان قد تبناه. انتهى.
ونتبع هذا الخبر بفوائد تناسبه ، منها : أنه يقتضى أن اسم أم زيد سعدى بنت ثعلبة ، وقيل اسمها سعاد ، وهذا فى تهذيب الكمال للمزى ؛ لأن فيه : وأمه سعدى ، ويقال سعاد بنت ثعلبة ، من بنى معن من طى. انتهى.
ومنها : أن فيه ، أن زيدا كان يفعة حين سبى ، وليس فى هذا بيان سنه حين سبى وبيع ، ويظهر ذلك ببيان معنى ذلك.
قال ابن الأثير فى نهاية الغريب : أيفع الغلام فهو يافع ، إذا شارف الاحتلام ولما يحتلم. انتهى. فيكون اليفعة من قارب خمس عشرة سنة ؛ لأن البلوغ يكون فيها أو قربها فى الغالب ، والله أعلم.
وقد بين بعض العلماء سنّه حين بيع ؛ لأن ابن عبد البر قال : وكان زيد هذا ، قد