أصابه سباء فى الجاهلية ، فاشتراه حكيم بن حزام فى سوق حباشة ، وهى سوق بناحية مكة ، كانت مجمعا للعرب ، يتسوقون بها فى كل سنة ، اشتراه حكيم لخديجة بنت خويلد رضى الله عنها ، فوهبته خديجة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فتبناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمكة قبل النبوة ، وهو ابن ثمان سنين ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أكبر منه بعشر سنين ، وطاف به رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين تبناه على حلق قريش يقول : هذا ابنى وارثا وموروثا ، يشهدهم على ذلك. هذا كله معنى قول مصعب والزبير بن بكار والكلبى وغيرهم. انتهى.
وقوله فى هذا الخبر : وهو ابن ثمان سنين ، بيان لتاريخ وقت شرائه ، لا تاريخ وقت تبنيه وهبته ؛ لأنه يلزم فى حمله على ذلك ، أن يكون للنبى صلىاللهعليهوسلم ثمانية عشر عاما ، حين وهب له زيد ، وتبناه أكبر من زيد بعشرة سنين ، كما فى هذا الخبر ، وكان النبى صلىاللهعليهوسلم أكبر من هذا بسنين ، حين وهب له زيد وتبناه ؛ لأن خديجة إنما وهبت له زيدا بعد أن تزوجها ، ولم يتبناه إلا بعد ذلك ، ولم يتزوجها إلا بعد أن بلغ إحدى وعشرين سنة ، هذا أقل ما قيل فى سنه حين تزوجها ، والأكثر فى سنه لما تزوجها ، خمس وعشرون سنة ، والله أعلم. وفى حمل قوله : وهو ابن ثمان سنين ، على تاريخ شرائه ، لا هبته وتبنيه ، موافقه للخبر السابق ، فإنه يقتضى أن هبة خديجة زيدا للنبى صلىاللهعليهوسلم ، بعد أن تزوجها ، وأن تبنيه بعد ذلك ، والتوفيق بين الأخبار ، أولى من حملها على الاختلاف ، والله أعلم.
وقال النووى : وقد ذكر تمام الرازى فى فوائده : أن حارثة والد زيد ، أسلم حين جاء فى طلب زيد ، ثم ذهب إلى قومه مسلما. انتهى. ولم يتعقب ذلك النووى ، وهو قابل للتعقب ؛ لأن الحافظ أبا زكريا بن مندة ، أخرج هذا الحديث فى جزء له سماه ب «من روى عن النبى صلىاللهعليهوسلم ، هو وولده وولد ولده». قال : ثم قال الإمام جدى : هذا حديث غريب ، لا يعرف إلا من هذا الوجه. انتهى.
وفى إسناده من لا يعرف ، ويظهر ذلك بذكر الحديث مسندا ، قال فيه يحيى بن مندة: أخبرنا أبى ، قال : أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مروان بدمشق ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ابن أبى عقال ـ وهو هلال بن زيد بن الحسن بن أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل ـ حدثنا عمى زيد بن أبى عقال ، عن أبيه ، عن زيد بن الحسن ، عن أبيه الحسن ، عن أبيه أسامة بن زيد بن حارثة ، عن أبيه زيد بن حارثة ، رضى الله عنه : أن النبىصلىاللهعليهوسلم دعا أباه حارثة إلى الإسلام ، فشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله،صلىاللهعليهوسلم. انتهى.
أخرجه تمام الرازى ، وأيضا فإن فى الخبر الذى ذكره الزبير عن المدائنى ، أن زيدا حين سبى ، كان يفعة ، وأن خديجة ـ رضى الله عنها ـ وهبته للنبى صلىاللهعليهوسلم لما تزوجها ، ومن تزويج النبى صلىاللهعليهوسلم خديجة إلى المبعث ، خمس عشرة سنة على الصحيح. ويبعد أن يخفى خبر