ولما قتل زيد بن الخطاب ، ونعى إلى أخيه عمر قال : رحم الله أخى ، سبقنى إلى الحسنيين ، أسلم قبلى واستشهد قبلى.
وقال عمر ـ رضى الله عنه ـ لمتمم بن نويرة ، حين أنشده مراثيه فى أخيه : لو كنت أحسن الشعر ، لقلت فى أخى زيد مثل ما قلت فى أخيك ، فقال متمم : لو أن أخى ذهب على ما ذهب عليه أخوك ، ما حزنت عليه. فقال عمر ـ رضى الله عنه : ما عزانى أحد أحسن مما عزيتنى به.
وذكر محمد بن عمر الواقدى ، قال : حدثنى الجحاف بن عبد الرحمن ، من ولد زيد ابن الخطاب ، عن أبيه قال : كان زيد بن الخطاب يحمل راية المسلمين يوم اليمامة ، وقد انكشف المسلمون حتى غلبت حنيفة على الرجال ، فجعل زيد يقول : أما الرجال فلا رجال ، وأما الرجال فلا رجال ، ثم جعل يصيح بأعلى صوته : اللهم إنى أعتذر إليك من فرار أصحابى ، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة ، ومحكم بن الطفيل ، وجعل يشير بالراية ، يتقدم بها فى نحر العدو ، ثم ضارب بسيفه حتى قتل ، ووقعت الراية. ثم قال : وزيد بن الخطاب ، هو الذى قتل الرّحّال بن عنفوة ، وقيل عنقوة ، واسمه نهار بن عنقوه ، وكان قد هاجر وقرأ القرآن ، ثم سار إلى مسيلمة مرتدّا ، وأخبره أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يشركه فى الرسالة ، فكان أعظم فتنة على بنى حنيفة.
وذكر خليفة بن خياط ، قال : حدثنا معاذ بن معاذ ، عن ابن عون ، عن محمد بن سيرين ، قال : كانوا يرون أن أبا مريم الحنفى ، قتل زيد بن الخطاب يوم اليمامة ، وقال أبو مريم لعمر : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى أكرم زيدا بيدى ، ولم يهنى بيده. قال : وأخبرنا علىّ بن محمد ، قال : حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، قال : كانوا يرون أن أبا مريم الحنفى ، قتل زيد بن الخطاب ، قال : وأخبرنا على بن محمد أبو الحسن ، عن ابن خزيمة الحنفى ، عن قيس بن طلق قال : قتله سلمة بن صبيح ، ابن عم أبى مريم.
قال ابن عبد البر ، رحمهالله : النفس أميل إلى هذا ؛ لأن أبا مريم لو كان قاتل زيد ، ما استقضاه عمر ، رضى الله عنه. والله أعلم. قال : وكان زيد بن الخطاب ، طويلا بائن الطول أسمر. انتهى.
ذكر هذا كله من حال زيد بن الخطاب ، ابن عبد البر ، وهذا لفظه إلا قليلا جدا فبالمعنى ، وقدمنا فى ذلك وأخرنا لمناسبة الكلام ، وليس فيما ذكره ابن عبد البر ، من أن وقعة اليمامة فى سنة اثنتى عشرة ، بيان وقتها من هذه السنة ، وذلك فى شهر ربيع الأول سنة اثنتى عشرة ، ذكر ذلك غير واحد ، منهم : ابن الأثير والنووى والذهبى فى العنبر.