أبى حذيفة ، وهى من الأنصار ، يقال لها بثينة بنت يعار بن يزيد بن عبيد بن زيد الأنصارى الأوسى ، وقيل فى اسمها غير ذلك. وتولى سالم لما عتق ، أبا حذيفة بن عتبة ، فتبناه أبو حذيفة ، وصار يدعى سالم بن أبى حذيفة ، حتى نزلت : (ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) الآية [الأحزاب : ٥].
وزوجه أبو حذيفة ، بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بنت عتبة ، وكان من فضلاء الموالى ، ومن خيار الصحابة وكبارهم ، ومن المهاجرين. هاجر إلى المدينة فى نفر ، منهم عمر بن الخطاب ، فكان يؤمهم فى الطريق ، وكان يؤم المهاجرين بقباء ، قبل أن يقدم النبىصلىاللهعليهوسلم المدينة ، وفيهم ابن الخطاب ، وكان عمر ـ رضى الله عنه ـ يفرط فى الثناء عليه ويقول : لو كان سالم حيّا ما جعلتها شورى. يعنى بذلك أنه يصدر فى الخلافة عن رأيه ، والله أعلم.
وهو أحد الأربعة الذين أمر النبى صلىاللهعليهوسلم بأخذ القرآن عنهم ، وهم : عبد الله بن مسعود ، وأبىّ بن كعب ، وسالم مولى أبى حذيفة ، ومعاذ بن جبل ، وشهد سالم مولى أبى حذيفة بدرا.
ذكر هذا كله من حال سالم ، ابن عبد البر بعضه باللفظ وبعضه بالمعنى ، وذكر أكثره ابن الأثير وقال : وشهد سالم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها ، مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقتل يوم اليمامة شهيدا.
وروى ابن الأثير بسنده ، إلى إبراهيم بن حنظلة ، عن أبيه ، أن سالما مولى أبى حذيفة قيل له يومئذ ـ يعنى يوم اليمامة ـ فى اللواء أن يحفظه ، وقال غيره : نخشى من نفسك شيئا ما فتولى اللواء غيرك ، فقال : بئس حامل اللواء أنا إذا ، فقطعت يمينه ، فأخذ اللواء بيساره ، فقطعت يساره ، فاعتنق اللواء ، وهو يقول : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) إلى (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) [آل عمران : ١٤٤ ـ ١٤٦] فلما صرع ، قال لأصحابه : ما فعل أبو حذيفة؟ قيل : قتل ، قال : فما فعل فلان؟ لرجل سماه ـ قيل : قتل. قال : فأضجعونى بينهما. ولما قتل أرسل عمر ـ رضى الله عنه ـ بميراثه ، إلى معتقته بثينة بنت يعار فلم تقبله ، وقالت : إنما أعتقته سائبة ، فجعل عمر ـ رضى الله عنه ـ ميراثه فى بيت المال. انتهى.
وقال ابن عبد البر : وقتل يوم اليمامة شهيدا ، هو ومولاه أبو حذيفة ، فوجد رأس أحدهما على رجلى الآخر ، وذلك سنة اثنتى عشرة.
وذكر ابن عبد البر عن الواقدى ، أن زيد بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ لما قتل يوم