حدثنى عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة ، قال : حدثنى الشّويفعىّ ، قال : حدثنى بعض المحدثين ، أن هشام بن عبد الملك ، كتب إلى خالد القسرى يوصيه بعبد الله بن شيبة الأعجم ، فأخذ الكتاب فوضعه ، ثم أرسل بعد ذلك إلى عبد الله بن شيبة ، يسأله أن يفتح له الكعبة ، فى وقت لم ير ذلك عبد الله بن شيبة ، وامتنع عليه ، فدعا به ، فضربه مائة سوط على ظهره ، فخرج عبد الله بن شيبة ، هو ومولى له على راحلتين ، فأتى هشاما ، فكشف عن ظهره بين يديه ، وقال : له : هذا الذى أوصيته بى! فقال : إلى من تختار أكتب لك؟ قال : إلى خالك محمد بن هشام ، قال : فكتب إليه : إن كان خالد ضربه بعد أن أوصل إليه كتابى وقرأه ، فاقطع يده ، وإن كان ضربه ولم يقرأ كتابى ، فأقده منه ، قال : فقدم بالكتاب على محمد بن هشام ، فدعا بالقسرى فقرأه عليه ، فقال : الله أكبر يا غلام ، إيت بالكتاب ، قال : فأتاه به مختوما لم يقرأه ، قال : فأخرجه محمد بن هشام إلى باب المسجد ، وحضره القرشيون والناس ، فجرده ، ثم أمر به أن يضرب ، فضرب مائة ، فلما أصابه الضرب ، كأنه تمايل بعد ذلك فى ضربه ، قال : ثم لبس ثيابه فرجع إلى امرأته ، فقال الفرزدق فى ذلك :
سلوا خالدا
فذكر نحو حديث الزبير الأول ، وزاد فيه ، قال : فقالت أم الضحاك ، وهى يمانية [من الطويل] :
فما جلد القسرى فى أمر ريبة |
|
وما جلد القسرى فى شرب الخمر |
فلا يأمن النمام من كان محرما |
|
بملقى الحجيج بين زمزم والحجر |
له جلم يسمى الحسام وشفرة |
|
هذام فما يفرى الشفار كما تفرى |
تعرض للأعجم أنه يسرق الحاج. انتهى.
وهذا الخبر الأخير ، الذى فيه ذكر هشام بن عبد الملك ، هو الخبر الذى أشرنا إليه ، أنه يدل على أن خالد القسرى ، ولى مكة لهشام بن عبد الملك.
وذكر ابن جرير فى موضع البئر التى حفرها القسرى ، وأجرى منها الماء إلى المسجد ، ما يخالف ما ذكره الأزرقى ، وذكر خطبة القسرى فى ذلك ، وفيما ما هو أشنع مما ذكره الأزرقى ؛ لأنه قال فى أخبار سنة تسع وثمانين : ولى خالد بن عبد الله القسرى مكة ، فيما زعم محمد بن عمر الواقدى ، قال : سمعت خالد بن عبد الله يقول على منبر مكة ،
__________________
(١٠) فى الديوان : خالدا.
(١١) فى الديوان : فما.