وهو يخطب : أيها الناس ، أيّما أعظم ، أخليفة الرجل على أهله أم رسوله إليهم؟ والله لو لم تعلموا فضل الخليفة ، إلا أن إبراهيم صلىاللهعليهوسلم خليل الرحمن ، استسقى فسقاه ملحا أجاجا ، واستسقاه الخليفة فسقاه عذبا فراتا ، بئرا حفرها الوليد بن عبد الملك بالثّنيّتين : ثنّية طوى وثنّية الحجون. فكان ينقل ماؤها فيوضع فى حوض من أدم إلى جنب زمزم ، ليعرف فضله على زمزم. قال : ثم غارت البئر ، فلا يدرى أين هى اليوم. انتهى.
وقد أنكر الذهبى وقوع هذا من خالد القسرى ؛ لأنه قال بعد أن ذكر كلام ابن جرير هذا : قلت : ما أعتقد أن هذا وقع. انتهى.
ومن السوء المحكى عن خالد القسرى ، أنه كان يقع فى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، لأن الذهبى نقل عن يحيى بن معين ، أنه قال : كان رجل سوء يقع فى علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه. انتهى. وذكره الذهبى فى المعنى ، فقال : ناصبىّ سبّاب. انتهى.
ولم يمت خالد القسرى ، حتى أمر الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بتعذيبه ، فعذب خالد عذابا شديدا ، حتى مات تحت العذاب. وقال البخارى : إنه مات قريبا من سنة عشرين ومائة.
وقال خليفة : مات سنة ست وعشرين ومائة. وبه جزم الذهبى فى العبر ، وزاد فى المحرم ، وله ستون سنة.
وكان جوادا ممدحا خطيبا مفوّها ، ولخالد رواية عن جده ، ولجده صحبة.
روى عنه حميد الطويل ، وإسماعيل بن أبى خالد ، وحبيب بن أبى حبيب ، وجماعة.
روى له البخارى فى خلق أفعال العباد ، قصة ذبحه للجعد بن درهم. وروى له أبو داود ، أنه أضعف الصاع فجعله ستة عشر رطلا (١٢).
وذكره ابن حبان فى الثقات. وقال غيره : كان أشرف من أن يكذب. وله فى الجود أخبار ، منها على ما قال الأصمعى : حدثنى الوليد بن نوح ، قال : سمعت خالد القسرى على المنبر يقول : إنى لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفا من الأعراب ، من تمر وسويق.
__________________
(١٢) أخرجه أبو داود فى سننه ، فى كتاب الأيمان والنذور ، حديث رقم (٣٢٨١) من طريق : محمد بن محمد بن خلاد أبو عمر ، حدثنا مسدد ، عن أمية بن خالد ، قال : لما ولى خالد القسرى أضعف الصاع فصار الصاع ستة عشر رطلا ، قال أبو داود : محمد بن محمد بن خلاد قتله الزنج صبرا فقال بيده هكذا ، ومد أبو داود يده وجعل بطون كفيه إلى الأرض ، قال : ورأيته فى النوم فقلت : ما فعل الله بك ، قال : أدخلنى الجنة ، فقلت : فلم يضرك الوقف.