ذكرها ، لتأييدها لما سبق ، وبعضها لم يسبق ، قال : وكان أحد الفرسان الشجعان من قريش ، الذين كانوا يحرسون رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مغازيه ، وهو الذى كوّف الكوفة ، ونفى الأعاجم ، وتولى قتال فارس ، أمره على ذلك عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ ففتح الله على يديه أكثر فارس. وله كان فتح القادسية وغيرها. وكان أميرا على الكوفة ، فشكاه أهلها ، ورموه بالباطل ، فدعا على الذى واجهه بالكذب ، دعوة ظهرت عليه إجابتها. والخبر بذلك مشهور ، تركت ذكره لشهرته.
وعزله عمر ـ رضى الله عنه ـ وذلك فى سنة إحدى وعشرين ، حين شكاه أهل الكوفة ، وولى عمار بن ياسر الصلاة ، وعبد الله بن مسعود بيت المال ، وعثمان بن حنيف مساحة الأرض ، ثم عزل عمارا ، وأعاد سعدا على الكوفة ثانية ، ثم عزله وولى جبير بن مطعم ، ثم عزله قبل أن يخرج إليها ، وولى المغيرة بن شعبة ، فلم يزل عليها ، حتى قتل عمر ـ رضى الله عنه ـ فأقره عثمان يسيرا ، ثم عزله وولى سعدا ، ثم عزله وولى الوليد بن عقبة. وقد قيل : إن عمر ـ رضى الله عنه ـ لما أراد أن يعيد سعدا على الكوفة ، أبى عليه ، وقال : أتأمرنى أن أعود إلى قوم يزعمون أنهم يحسنون ، وإننى لا أحسن أصلى ، فتركه ، فلما طعن عمر ـ رضى الله عنه ـ وجعله أحد الشورى ، قال : إن وليها سعد فذاك ، وإلا فليستعن به الوالى ، فإنى لم أعزله عن عجز ولا خيانة. ورامه عمر بن سعد ـ ابنه ـ أن يدعو إلى نفسه بعد قتل عثمان ـ رضى الله عنه ـ فأبى ، وكذلك رامه ابن أخيه أيضا هاشم بن عتبة ، فلما أبى عليه ، صار هاشم إلى علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ وكان سعد ممن قعد ولزم بيته فى زمن الفتنة ، وأمر أهله ألا يخبروه بشىء من أخبار الناس ، حتى تجتمع الأمة على إمام ، فطمع معاوية فيه ، وفى عبد الله بن عمر ، وفى محمد بن مسلمة ، فكتب إليهم يدعوهم إلى عونه على الطلب بدم عثمان ـ رضى الله عنه ، يقول لهم : إنهم لا يكفرون ما أتوه من قتله وخذلانه إلا بذلك ، ويقول : إن قاتله وخاذله سواء ، فى نظم ونثر كتب به إليهم ، تركت ذكره ، فأجابه كل واحد منهم ، يرد عليه ما جاء به من ذلك ، وينكر عليه مقالته ، ويعرفه أنه ليس بأهل لما يطلبه. وكان فى جواب سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه [من الوافر] :
معاوى داؤك الداء العياء |
|
وليس لما تجىء به دواء |
أيدعونى أبو حسن على |
|
فلم أردد عليه ما يشاء |
وقلت له اعطنى سيفا قصيرا |
|
تميز به العداوة والولاء |
فإن الشر أصغره كبير |
|
وإن الظهر تثقله الدماء |
أتطمع فى الذى أعيى عليّا |
|
على ما قد طمعت به العفاء |
ليوم منه خير منك حيّا |
|
وميتا أنت للمرء الفداء |