وعزاه بأبى عثمان ، وذكر وفاته بنيسابور ، فسمعت أبا سليمان يقول : قال النبىصلىاللهعليهوسلم : «قد كان فى الأمم ناس محدثون ، فإن يكن فى أمتى فعمر» (٢) وأنا أقول : فإن كان فى هذا العصر أحد ، فهو أبو عثمان المغربى.
وقال أبو بكر بن فورك : كنت عند أبى عثمان المغربى حين قرب أجله ، وعلىّ القوّال يقول شيئا ، فلما تغيرت عليه الحال ، أشرنا إلى علىّ القوّال بالسكوت ، ففتح الشيخ أبو عثمان عينيه وقال : لم لا يقول علىّ شيئا؟ فقلت لبعض الحاضرين : سلوه ، وقولوا له : على ما يسمع المستمع ، فإنى أحتشمه فى هذه الحالة ، فسألوه عن ذلك فقال : إنما يسمع من حيث يسمع. وكان فى الرياضة كبير الشأن.
وقال : من اختار الخلوة على الصحبة ، فيجب أن يكون خاليا من جميع الأذكار ، إلا من ذكر ربه ، وخاليا من جميع الإرادات ، إلا رضى ربه ، وخاليا من مطالبة النفس من جميع الأسباب. وإن لم يكن بهذه الصفة ، فإن خلوته توقعه فى فتنة أو بليّة.
وقال : علم اليقين يدل على الأفعال ، فإذا فعلها وأخلص فيها ، وظهرت له بينات ذلك ، صار له علم اليقين عين اليقين.
وقال : التقوى تتولد من الخوف.
وقال : أفواه قلوب العارفين فاغرة فاغرة لمناجاة القدر : وقال : أفضل ما يلزم الإنسان نفسه فى هذه الطريقة ، المحاسبة والمراقبة. وسياسة عمله بالعلم.
وقال : الإخلاص ما لا يكون للنفس فيه مجال ، وهذا إخلاص العوام.
وإخلاص الخواص ، ما يجرى عليهم ؛ لأنهم تبدو منهم الطاعات ، وهو عنها بمعزل ، ويقع لهم لا يقع لهم يقع عليها روية ، ولا بها اعتداد.
وقال : الولى قد يكون مشهورا ، ولكن لا يكون مفتونا.
وقال : العارف تضىء له أنوار العلم ، ويبصر بها عجائب الغيب.
وقال : من ادّعى السماع ، ولم يسمع لصوت الطيور ، وصرير الباب ، وتصفيق الرياح ، فهو مفتر مدّع.
وقال : قلوب أهل الحق قلوب حاضرة ، وأسماعهم أسماع مفتوحة.
وقال : من أعطى من نفسه الأمانى ، قطعها بالتسويف والتّوانى.
__________________
(٢) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده (٢٣٨٢٤).