وكان بلغه وهو بمنى فى أيام الحج ، من سنة إحدى وستين ، أن الترك يريدون القبض عليه ، فهرب إلى جهة نخلة ، وبلغ الترك هربه ، فأنكروا أن يكونوا همّوا له بسوء ، واستدعوه إليهم ، فحضر. ثم وقع بإثر سفر الحجاج فى هذه السنة ، بين بعض الترك ـ الذين قدموا فى موسم هذه السنة للإقامة بمكة ، عوض الذين قدموا مكة ، لما وليها سند وابن عطيفة ـ وبين بعض الأشراف المكيين ، منازعة ، أفضت إلى قتال الترك وبنى حسن ، فقام سند على الترك ، وتخلّى ابن عطيفة عن نصرة الترك ، فغلب الترك وخرجوا من مكة ، وخرج بإثرهم ابن عطيفة متخّوفا.
ووجدت بخط بعض الأصحاب ، فيما نقله من خط ابن محفوظ المكى : أن سندا كان خارجا عن البلاد فى وقت هذه الفتنة ، وأنه لما وصل ، طلب الاجتماع بالترك لإصلاح أمرهم ، فلم يمكنه الترك من الدخول عليهم ، وهذا يخالف ما تقدم من قيام سند على الترك. والله أعلم بالصواب.
وكان ثقبة بن رميثة ، قد جاء إلى مكة بإثر الفتنة ، ولا يمه أخوه سند ، واشتركا فى إمرة مكة ، إلى أوائل شوال سنة اثنتين وستين ، وكان عجلان قد قدم مصر فى رمضان من هذه السنة ، متوليا لإمرة مكة ، شريكا لأخيه ثقبة ، فلما مات ثقبة فى أوائل شوال من هذه السنة ، دخل عجلان مكة ، وقطع دعاء أخيه سند ، وأمر بالدعاء لولده أحمد بن عجلان ، وأمره بالاجتماع بالقواد العمرة ، وكانوا يخدمون سندا ، فاجتمع بهم أحمد بن عجلان ، فأقبلوا عليه ، وعرف ذلك سند ، فخاف على نفسه ، فهرب إلى نخلة. وقيل : بل أقام بوادى مرّ بالجديد ، واستجار بابن أخيه أحمد بن عجلان ، ثم وقع بين بعض غلمان سند ، وبين بعض غلمان ابن أخيه شىء ، أوجب تغير خاطر ابن أخيه عليه ، وأمره بالانتقال من الجديد ، فانتقل سند إلى وادى نخلة ، ثم إلى الطائف ، ثم إلى الشرق ، ثم إلى المدينة النبوية ، ثم إلى الينبع ، ووصله وهو بها أوراق بنى حسن من أهل مكة ، يأمرونه بالقدوم عليهم إلى مكة ، ليساعدوه على ولايتها.
وسبب ذلك ، أنهم حضروا الوقعة المعروفة بقحزة ، قرب حلى ، من بلاد اليمن ، وقاتلوا مع عجلان أهل حلى ، فظفر عجلان وأصحابه ، وأحسن عجلان إلى أصحابه إحسانا ، رأوه فيه مقصرا ، وأفضى بهم الحنق عليه ، إلى أن كتبوا إلى أخيه سند يستدعونه ، فحضر سند إلى جدّة ، فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة ، وصادف بها جلبة فيها مال جزيل لتاجر مكى ، يقال له ابن عرفة فنهبها سند ، وبلغ خبره نائب عجلان على مكة كبيش ، فجمع أهل مكة ، وخرج إلى جده ليستنقذ من سند ما أخذ ، فأشار عليه بعض أحباب أبيه ، بعدم التعرض لسند ، ورجوعه إلى مكة وحفظها ، ففعل. ونقل