القرآن ، لكثرة علمه. ودعا له النبى صلىاللهعليهوسلم ، بأن يعلمه الله تعالى الكتاب والحكمة وتأويل القرآن ، ويفقه فى الدين ، وأن يزيده فهما وعلما ، ويبارك فيه ، وينشر منه ، ويجعله من عباده الصالحين. كل ذلك جاء فى أحاديث صحيحة مفرقة.
وروى عن النبى صلىاللهعليهوسلم ، ألف حديث وستمائة حديث وستين حديثا. وقد روى عن جماعة من الصحابة.
وروى عنه منهم : أنس ، وأبو أمامة بن سهل ، وخلق من التابعين. روى له الجماعة.
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : ما رأيت أحدا أعلم من ابن عباس بما سبقه ، من حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبقضاء أبى بكر وعمرو وعثمان رضى الله عنهم ، ولا أفقه منه ، ولا أعلم بتفسير القرآن والعربية والشعر والحساب والفرائض منه ، وكان يجلس يوما للتأويل ، ويوما للفقه ، ويوما للمغازى ، ويوما للشعر ، ويوما لأيام العرب ، وما رأيت قط عالما جلس إليه إلا خضع له ، ولا سائلا يسأله إلا أخذ عنه علما.
وقال عمرو بن دينار : ما رأيت مجلسا أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس : الحلال ، والحرام ، والعربية ، والأنساب. وأحسبه قال : والشعر.
وقال عطاء : كان ناس يأتون ابن عباس فى الشعر والأنساب ، وناس يأتون لأيام العرب ووقائعها ، وناس يأتون للعلم والفقه. فما منهم صنف إلا يقبل عليه بما شاء. وقال : ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة ، إلا ذكرت وجه ابن عباس.
وكان يثنى عليه ويقربه ويشاوره مع جلة الصحابة ، وأثنى عليه ابن مسعود ومعاوية وغيرهم من الصحابة والتابعين ، ومناقبه كثيرة.
وذكر ابن عبد البر أنه شهد مع على رضى الله عنه : الجمل وصفين والنهروان.
وذكر النووى أن علىّ بن أبى طالب أمره على البصرة ، ثم فارقها بعد قتله ، وعاد إلى الحجاز.
وذكر غيره : أنه تحول إلى مكة ، وأقام بها إلى أن أخرجه ابن الزبير ، لتوقفه عن مبايعته. فسكن الطائف حتى مات به ، فى سنة ثمان وستين ، عن سبعين سنة. وهذا هو الصحيح فى وفاته وسنه ، وصلى عليه محمد ابن الحنفية ، وقال : مات اليوم ربان هذه الأمة. ولما وضع ليصلى عليه ، جاء طائر أبيض فوقع على أكفانه ، فدخل فيه ، فالتمس ، فلم يوجد. فلما سوى عليه التراب ، سمعوا صوت قارئ لا يرون شخصه ، يقرأ : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي).