إنّها أعظم بحرة حلوة في الدنيا ، ودورها نحو يوم ، وطولها اثنا عشر ميلا ، وهو بريد كامل ، وعرضها ستّة أميال ، والجبال تكنفها ، ومنها يخرج نهر الشّريعة ولا يزال يجري في الأغوار حتّى يصب ببحيرة زغر ، وهي المعروفة ببحيرة لوط ، ويقال إنّ قبر سليمان بن داود عليهمالسلام في بحيرة طبريّة ، وبطبريّة من الحصون والأبراج والكنائس شيء غريب كثير.
وبطبريّة مشهد السّيّدة سكينة بنت علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضياللهعنهم أجمعين.
وبها الحمّامات المعدودة من عجائب الدنيا ، بها مياه سخنة تنبع من الأرض ، تنفع من الرّياح والبلاغم ، والدّماميل والقروح ، والجرب ، والاستقساء ، وغير ذلك ، ومن ترهّل البدن ، ومن افراط العبالة (١٣) ويقصدها الناس ، وكذلك الحمة التي بأطراف هذه المعاملة ، على الشريعة.
وبهذه المعاملة قرية حطّين بها قبر نبي الله شعيب عليهالسلام ، والقرية وقف على مقامه ، وله مشايخ وخدّام ومباشرين ، وبه سماط للفقراء خبز ودشيشة دائما ، ومضيف للواردين من البريدية والأعيان ، ويأتي الناس للزيارة من سائر النّواحي ، لا سيّما يوم الجمعة ، كنت أتوقف في كون سيّدي شعيب هنا حتى رأيت كأنّي جئت للزيارة وجلست عند الضّريح ، فانفرج وخرج منه شيخ مهيب حسن ، قلت : أنت نبي الله شعيب؟ فقال : نعم ، ثمّ قال : وأنا أعرفك وأحبّك ، فإن خطيبي الخطيب إسماعيل يحضر فيثني ، ويدعو ، فقلت : كان خطيب ، الإنسان له عنده مودّة ، فقال : نعم ، فقلت : وأنا خطيبك أيضا ، فقال : نعم ، ولكن أنت خطيب النّبي صلىاللهعليهوسلم ، ثمّ حدّثني كثيرا.
وفي هذا العمل مدينة كفركنا ، لا تخلو من جماعة من الصالحين ، وأرباب الكشوف ، وسأذكر جماعة منهم في هذا التاريخ ، إن شاء الله تعالى ، فهي معدن الصّالحين ، وموطن الأولياء ، وبكفركنا مقام أولاد