يونس عليهالسلام ، من المزارات المشهورة ، الدّعاء به مستجاب ، وخدامه صالحون وبكفركنا مقدّمين العشرانات أمير طبل خاناه ، وهم رأس قيس أهل فتن وأهواء ، وبقربها مكان يعرف بالبطوف ، به قرى حسان ، وبه أرض تعرف بمرج الغرق ، تجتمع فيها المياه ، وليس لها مخرج ، فإنّ تلك الأرض بها جبال محيطة بها ، وفي الشتاء يجتمع فيها من الأمطار ماء عظيم ، حتّى يصير بحيرة ، ثمّ تشربها الأرض قليلا قليلا ، وكلّما جفّ منها مكان زرعوه كما يفعل أهل مصر.
وبهذا العمل جبل الطّور ، عليه حصن بديع ، وبه حصن كوكب ، وبالبطوف مقام العزير وقبره ، وبالرّومة قبر روبيل ، مزار يقصده اليهود ، والمسلمون وعليه قبّة ومقام الشيخ علي البكّاء (١٤) بتوعان ، وبه قرية الشّجرة ، بها مقام عظيم ، عليه مهابة ، يقصد بالزيارة ، والدّعاء فيه مستجاب ، فهذه ولايات البلاد الصّفدية وأعمالها.
وفي الجملة فصفد مدينة لا بأس بها ، لكنّها ليست على ترتيب المدن ، كان خلاصتها حصنها الغريب ، ثمّ بني عليه ربض يسير ، ثمّ زيد فيه تلفيقا بلا ترتيب.
قال بعض أهل الطّرف في مقام المطايبة واللطف حين سئل عنها ، وقيل له : اشهد لنا بما تعلم منها؟ فقال : صفد وما أدراك ما صفد ، مدينة الحزن والنّكد ، والفقر والحسد ، والهم والكمد ، عيشها غير رغد ، وكان سرّها حصنها ففسد ، لكثرة الصواعق والأمطار ، وتواتر الزلازل في الليل والنّهار ، وأمطارها سيول ، وصواعقها تهول ، وشتاؤها لا يزول ، وساحتها معدن الفضول ، فرجتها ثلاثة : وادي في الدّرك الأسفل ، وميدان كالسّمك الأعزل ، وحواكير عن عقاربها لا تسأل ، وعجائبها ثلاثة : مآذن بلا جامع ، وحمّام بلا ماء ، ليس للكلاب عن مصنعه مانع ، وأسطحه لا تتميز من الشوارع ، خيرها من الجلب ، ومواشيها سريعة العطب ، وكثير فيها الحسد ، وقليل فيها الذّهب ، وجامعها بلا ميضأة