وكان مما ابتليت به السلطنة المملوكية لا سيما في عقودها المتأخرة بيع المناصب والرشوة ، وشمل ذلك الوظائف العسكرية والإدارية والدينية.
فقد دفع مقبل الرومي سنة ٨٣٦ ه / ١٤٣٣ م مبلغ ٠٠٠ ، ١٢ دينار ثمن تولي نيابة صفد (٤٤). ودفع سنة ٨٩٢ ه / ١٤٨٧ م بلبان الإينالي مبلغ ٠٠٠ ، ٢٠ دينار مقابل تولي نيابة صفد (٤٥). وبذل سنة ٩١٨ ه / ١٥١٢ م الأمير طرباي مبالغ كبيرة للحصول على هذا المنصب (٤٦).
ومما يثير الدهشة أن شراء المناصب أخذ منذ أيام السلطان الصالح اسماعيل بن محمد قلاوون (٧٥٣ ـ ٧٥٥ ه / ١٣٥٢ ـ ١٣٥٤ م) سمة قانونية في الدولة المملوكية حيث تأسس أيام هذا السلطان ديوان خاص عرف باسم ديوان البذل.
وازدادت مكانة هذا الديوان مع ازدياد الضائقة المالية لدى السلطنة ، وهو يدل على حالة التفكك والضعف التي آلت إليها أحوال دولة المماليك قبل سقوطها. هذا وإن في ضخامة المبالغ التي بذلت في سبيل منصب نيابة صفد ما يشير إلى أهميته وحساسيته (٤٧).
وكان نائب صفد يعتمد في دخله على ما كان يصله من الإقطاعات المخصصة لمنصبه ، وإذا لم يكفه ذلك ولم يف بحاجته كان يزاد من أموال الخاص السلطاني ، فهذا ما حدث سنة ٦٧٦ ه / ١٢٧٧ م عندما زيد الأمير علم الدين سنجر الحموي ـ وعرف بأبي خرص ـ من الخاص السلطاني ، وتكرر في الأمر سنة ٧٣٧ ه / ١٣٣٦ م عندما زيد الأمير طشتمر البدري الساقي ـ الملقب بحمص أخضر ـ من الخاص السلطاني (٤٨).
وعرف النظام المملوكي التدرج في الرتب العسكرية ، وكان أعلى الرتب إمرة مئة وتقدمة ألف ، وحامل هذه الرتب كان تحت إمرته مئة أمير وألف مقاتل ، وجرت العادة أن يتولى نيابة صفد من حمل هذه الرتبة العالية وكان آخر من وليها من مقدمي الألوف الأمير أزدمر المسرطن (٤٩).