فمن أصحابه المشغوفين بصحبته ، الملازمين لحضرته العبد الضّعيف محمّد العثماني ، صاحب هذا التّأليف ، لزمته للعلم والسّلوك مدّة حياته ، فلم أفارقه في مجلسه وخلواته ، وبمجرّد انقطاعي لضرورة عظيمة يحضر بنفسه الكريمة ، وكان يمتدح بصحبتي ، ويظهر رغبة أعظم من رغبتي ، جمع الله الشّمل به في دار الكرامة ، وجعله من الآمنين يوم القيامة.
ومن أفضل أصحابه ، وأعزّ أحبابه ، بل كان عن تحقيق يعامله النّظير والرّفيق ، الشيخ سراج الدين عبد اللطيف الاسكندري ، ورد على صفد وأقام حتّى عدّ من أهلها لطول المقام ، القاضي الصالح ، القائم في المصالح ، العالم العامل ، الزّاهد العابد ، الورع المحقق ، المعمّر المنوّر العارف ذو العلوم والمعارف ، والكرامات واللطائف ، تولّى القضاء في سائر جهات المملكة الصفدية في نحو سبع وثلاثين سنة ، ومع ذلك لا يملك دينارا ولا درهما ، بل يقنع بالقوت حين تحقق أنّه يموت ، وهو الأخ الشّفوق ، والصّاحب الصّدوق ، الوافي بالحقوق لا يفتر عن الاشتغال على أيّ حال من الأحوال ، أسره الأفرنج فحصل ببركته له ولأصحابه في أسرع وقت الفرج ، وحدّث عن كراماته ولا حرج ، وله عليّ فضل ومنّة جمعني الله وإيّاه في الجنّة ، سئل عنه في المنام خير العالمين ، فقال : هو من الصالحين ، أدرك جماعة من الأطواد المقتدى بهم بين العباد : الشيخ ياقوت الاسكندري ، والشيخ داود ، وقاضي القضاة فخر الدين بن مسكين ، ومما حكاه عنه من الغرائب عن عمّه الشيخ زين الدين بن مسكين الفقيه الشّافعي الترتيني شيخ ابن الرّفعة ، عن صاحب الوقعة المعروف بقراقوش ، وكان من الصالحين.
حكايته في دخول الحمّام المشهورة وكل ليلة ، وقراءة الجن عليه وإعطائهم الدراهم له ، ثمّ قال ابن مسكين : هذا نقل العدل عن العدل.
ومنهم الشيخ شرف الدين ذو العلم والدين ، والزّهد والتّمكين ، من بالقدر راضي ، العيلوطي القاضي ، كان من الصالحين الأخيار ، والعلماء