الفضل ، فزوّجته بابنة أخي ، وصار من أعزّ الأهل زاده الله منّة ، وجمعني الله وإيّاه في الجنّة.
ومنهم ولده وتلميذه ، الشيخ الصالح ، الزّاهد العابد ، الورع الدّيّن ، الذّكي المدقق شمس الدين بن محمد سعيد الحوراني الصفدي ، كان يحضر عندي صغيرا ، فأفترس فيه الخير ، فأوصيت عليه أخي علاء الدين فأحبّه وأكرمه ، ولزم بابه ليلا ونهارا على مصطبة بدهليزه وثوقا بدينه ونزاهته ، فتفقه وعلم ، ثمّ مات الأخ علاء الدين رحمهالله تعالى ، فلزمني ليلا ونهارا ، وجدّ في الطّلب حتّى صار من العلماء ، وأعانه على ذلك ذكاءه ، وحفظ كتبا كثيرة ، كان يسردها من غير كتاب ، ثمّ برع وفاق حتّى صار يبدي غرائب في الفقه ، فتوجد منصوصا عليها ، فكان يفتي معي ، ويعينني على التّصنيف ، وكان كثير النّفع للخلق ، شديد الاعتناء بطلب العلم ، كثير التّلاوة للقرآن ، ثمّ مات وهو شاب صغير السّن ، فلو عمّر لاحتاج إليه أكابر العلماء ، فكانت له الجنازة العظيمة التي لم ير مثلها بصفد ، ورأى إنسانا طيورا خضراء ترفرف على نعشه ، فغشي على الرّجل وحمل ، ثمّ أخبر بذلك الأمر الغريب ، ثمّ مات عن قريب.
وممّن توطّن صفد وأقام شيخ الإسلام وبقيّة السّلف الكرام ، ومن قصدت أن أختم بذكره الكلام على المشاهير من العلماء الكرام ، شيخنا وبركتنا ، الشيخ زين الدين عمر بن هدبة بن يونس الصّالحي ، المقرىء شيخ الصفدية وبركتها وإمامها وقدوتها ، تفرّد بعلم الكتاب والسّنّة ، وقطع عمره في الأعمال الصالحة الموصلة إلى الجنّة ، فأتقن القراءات السبعة ، والعشرة بهمّة عليّة ، وبرع في علم التّفسير ، والعربية ، وأتقن علم الحديث الشريف حتّى احتيج إليه في الأمصار الكبيرة ، ولكنّه رأى قلبه اجتمع عليه في هذه البلدة الصغيرة ، فنفع الخلق بعلمه الباهر وألحق الأصاغر بالأكابر ، فإنّه قرأ عليه الآباء والأبناء ، ووصل إلى قريب التسعين ، وعليه النّور والبهاء ، وقوّته وسمعه وبصره لم يتغيّر شيء منها ،