محله ، لكن هذا الأمر لم ينه الصراع المدمر في بلاد الشام ، ففي الوقت الذي اعترفت فيه نيابة صفد بسلطنة شيخ ، وفي أن يتولاها الأمير قرقماس ابن أخي دمرداش ، رفض نوروز الحافظي نائب دمشق الاعتراف بشيخ ، وسعى إلى الانفراد ببلاد الشام ، ولذلك هاجمت قوات نوروز الحافظي صفد لكنها أخفقت في أخذها ، ثم مالبث أن تبددت قوى نوروز وقدم السلطان المؤيد شيخ المحمودي إلى الشام حيث وضعها تحت سلطانه (١٠٠).
لقد لحق نيابة صفد أضرارا جسيمة أثناء تولي فرج بن برقوق للسلطنة ، فقد كانت أراضيها مسرحا للمعارك بين القوى المتصارعة مما أدى إلى تدهور الأمن فيها ، وعم الفساد وعظمت المضار الاقتصادية ، وخربت القرى ، وتعاظمت نشاطات «العشير» ، وهكذا كتب لنيابة صفد أن تتدهور الأوضاع فيها أسوة بما لحق ببلاد الشام أجمع (١٠١).
وسعى السلطان المؤيد شيخ المحمودي إلى إعادة تنظيم السلطنة المملوكية ، وبعث الحياة فيها من جديد ، وإعادة الاستقرار إلى بقاعها ، وقد حقق بعض النجاحات ، لكنه أخفق كما أخفق من سبقه في إيقاف الصراعات على السلطنة بين أمراء المماليك ، ولم تتوقف أيضا أعمال العصيان في بلاد الشام مما كان له آثاره على نيابة صفد.
وفي سنة ٨٢٧ ه / ١٤٢٥ م خرج الأمير تنبك البجاسي نائب دمشق على طاعة الأشرف برسباي ، وقد شارك نائب صفد مقبل الحسامي الرومي وعساكر مملكته في القضاء عليه (١٠٢).
وفي سنة ٨٤٢ ه / ١٤٣٨ م خرج الأمير إينال الجمكي نائب دمشق على الطاعة ، وقد حاول استمالة الأمير إينال الأجرود نائب صفد إلى جانبه فأخفق ، وعلى العكس شاركت عساكر صفد في القضاء على هذا العصيان ، ثم شاركت مجددا سنة ٩٠٣ ه / ١٤٩٧ م في القضاء أيضا على عصيان نائب دمشق (١٠٣).