ولدى سماع إينال بخلع ابن سيده ططر وسلطنة برسباي شق عليه ذلك ، فرفض الاعتراف بما حدث ، واتفق مع أخيه فأخرجا الأمراء المساجين بالقلعة واعتقلا من لم يوافقهما ، وكان هذا في ٨٢٥ ه / ١٤٢٢ م.
وحاول إينال استمالة «العشير» في منطقة صفد فأخفق فاصطدم به وهزم ، فتخلى عنه الأمراء الذين أطلق سراحهم من سجن قلعة صفد والتحقوا بدمشق.
وبلغ السلطان الجديد «برسباي» ما حدث فبعث إلى نائب دمشق يأمره بتجريد قواته ضد إينال ، وعين حاجب دمشق الأمير مقبل الحسامي نائبا جديدا لصفد ، وسارت عساكر دمشق نحو صفد فحاصرتها مع القلعة حتى استسلم إينال ، فألقي القبض عليه وعلى أعوانه ، وأرسلوا إلى القاهرة ، وتسلم مقبل الحسامي نيابة صفد (١٠٦).
لعل أهم ما تشير إليه هذه الحادثة هو دور القبائل البدوية «العشير» في تقرير مستقبل نيابة صفد ، ومفيد أن نولي هذا الجانب الاهتمام اللائق به.
ظل البداة العرب يملكون القدرة على إحداث التغيير السياسي في بلاد الشام حتى أواخر القرن الخامس هجري / الحادي عشر ميلادي ، حيث أزاحهم عن مسرح الأحداث المهاجرون البداة من الغز والتركمان ، وتواءم هذا مع قيام الحروب الصليبية والتحولات التي ألمت بالإدارة العسكرية المسلمة في بلاد الشام ، حيث سارت نحو الاحتراف المطلق والحصر الكامل بأيدي مجموعات من العسكريين التركمان ، ثم الأكراد ، وأخيرا المماليك ، واحتكر المماليك العمل العسكري وحاولوا الاستبداد بكل شيء ، ومنع غيرهم من النشاط الذي له صبغة عسكرية ، لأنهم أدركوا أن في ذلك تهديدا لوجودهم ، ومنزعا نحو الاستقلال من قبل أهل الشام.