وطلب نعمة الروح القدس ... ووضع الحجر الأول ، تشريفا لمولانا يسوع المسيح ، وفي سبيل تمجيد الإيمان المسيحي ، وقدم فوق الحجر كأسا مذهبا كان مليئا بالمال للمساعدة على إنجاز الأعمال المقبلة» ، وما أن بدأت أعمال البناء حتى أظهر الرب موافقته ، عندما قام عجوز مسلم بقيادة الأسقف إلى نبع ماء عذب ، بين الشعاب الجبلية ، وذلك مقابل إعطائه رداء ، وكان هذا النبع مغطى بكومة من النفايات ، ومع الوقت الذي غادر فيه الأسقف متوجها إلى وطنه ، كان راضيا برؤية صفد وهي محصنة ، ومنح القلعة هدية مغادرة : هي جميع مراكبه ، وخيمه ، وأثاثه ، «وذلك كمنحة للابن الصغير الأكثر محبة وإيثارا».
وبعد مضي عشرين عاما عاد الأسقف إلى الأرض المقدسة ، وكان طبيعيا أن اهتمامه الأول كان أحوال صفد ، فقد رأى القلعة «بهية ورائعة البناء ، وكأنها لم تصنع بوساطة الإنسان وحده ، بل بالحري من خلال قدرة الرب» ، وكان الذي رآه خطا مزدوجا من الأسوار شكل قطعا ناقصا ، تماشيا مع موقع «مغلق من كل جانب بجبال وهضاب ، وشعاب منحدرة ، وجروف وصخور» ، ووفقا لأفضل التقديرات الحديثة ، كان حجمها الكلي ٣٣٠ / ١٧٠ / م ، بما في ذلك الإطار ، ومن ضمن ذلك الخندق الخارجي الذي بلغ طوله ٨٥٠ م ، جاعلا إياها أوسع قلعة في المملكة ، وانتصبت أبراج أسطوانية قد بنيت على طول السور الداخلي ، ومن المحتمل أنه كان هناك برج حفظ مستدير كبير في الجزء الجنوبي الشرقي للساحة الداخلية ، وشحنت القلعة بسلسلة كاملة من آلات الحرب ، والقسي العقارة والأشياء التي تتوفر الحاجة إليها في أيام السلم ، لألف وسبعمائة رجل يزدادون إلى ألفين ومائتين في أوقات الحرب ، وكان خمسون من هؤلاء من فرسان الداوية ، وثلاثون متطوعين رهبان أو سيرجندية ، وكانوا يعززون بخمسين من التوركبلية (عساكر من الخيالة الخفاف غالبا ما كانوا يجندون من السكان المحليين) ، وثلاثمائة من