رماة القسي العقارة ، وعناصر أخرى بلغ عددهم ثمانمائة وعشرين ، كما كان هناك أربعمائة من الرقيق ، لابد أنهم كانوا من الأسرى المسلمين ، وبلغت نفقات البناء في العامين والنصف الأولين مبلغ مليون ومائة ألف دينار إسلامي ، وهو أعلى وأكثر من الموارد المعتادة التي جبيت من الأراضي المجاورة المتعلقة بها ، «وقد استهلكوا هناك سنويا حمولة قرابة اثني عشر ألف حمل بغل من الشعير والقمح ، عدا عن الأطعمة الأخرى ، والأعطيات التي منحت إلى المرتزقة والناس المستأجرين ، والخيول والمطايا ، والأسلحة والضروريات الأخرى ، فهذه كلها لم يكن من الممكن تعدادها» ، وجمعت الإمدادات من الأراضي الزراعية المجاورة ، ومن الأطعمة التي جمعها الصيادون التابعون للقلعة ، مع صيادي الأسماك ، وجلبت الأسماك طازجة يوميا من بحيرة طبرية ومن نهر الأردن ، وملحت ، وكان بين التجهيزات التي استخدمت لإعداد الأطعمة : الريح ، والماء ، والطاقة الحيوانية التي تدير الطواحين ، وشملت الأراضي التي اعتمدت عليها قرى كبيرة على الجانب الغربي للقلعة ، التي امتلكت سوقها الخاص ، وأكثر من مائتين وستين قرية أخرى (كاساليا) ، التي ادعى الكاتب بأنها احتوت حوالي عشرة آلاف رجل قادر.
ومع أنه من الصعب ـ إن لم يكن من المستحيل ـ أن تتمكن أية قلعة من إغلاق أي طريق بالكامل ، وفق منطق الدفاعات المعاصرة ، لقد كان لإعادة بناء صفد مؤثرات بالغة على سلامة المنطقة ورخائها ، ففي حين كانت من قبل تجري غارات متوالية كان يقوم بها : «المسلمون ، والبدو ، والخوارزمية ، والتركمان» ، نجد أن قلعة صفد «وضعت هناك دفاعا ، وعائقا ، لذلك لم يعودوا يتجرأون على إلحاق الأذى ، بعبور نهر الأردن بشكل مكشوف والتوغل بعيدا حتى عكا ، ما لم يكن معهم جيشا كبيرا جدا ، وذهبت من عكا إلى صفد خيول النقل المحملة