خرص ، وأكابر خواصه وتولى غسله وتحنيطه وتصبيره وتلقينه مهتاره الشجاع عنبر ، والفقيه كمال الدين الاسكندري المعروف بابن المنبجي ، والأمير عز الدين الأفرم ، ثم جعل في تابوت ، وغلق في بيت من بيوت البحرية بقلعة دمشق إلى أن حصل الاتفاق على موضع دفنه ، ثم كتب الأمير بدر الدين الخزندار إلى ولده الملك السعيد مطالعة بيده ، وسيرها على يد بدر الدين بكتوت الجو كنداري الحموي ، وعلاء الدين أيدغمش الحكيمي الجاشنكير ، فلما وصلا ، وأوصلا المطالعة ، خلع عليهما وأعطى كل واحد منهما خمسين ألف درهم ، على أن ذلك بشارة بعود السلطان إلى الديار المصرية.
ولما كان يوم السبت ركب الأمراء إلى سوق الخيل بدمشق على عادتهم ولم يظهروا شيئا من زي الحزن ، وكان أوصى أن يدفن على الطريق السابلة قريبا من داريا ، وأن يبنى عليه هناك ، فرأى الملك السعيد أن يدفنه داخل السور ، فابتاع دار العقيقي بثمانية وأربعين ألف درهم نقرة وأن يغير معالمها ، وتبنى مدرسة للشافعية والحنفية ويبنى بها قبة شاهقة يكون بها الضريح ، ويعمل دار الحديث أيضا ، فلما تم بناء القبة ومعظم المدرسة ودار الحديث ، جهز الملك السعيد الأمير علم الدين سنجر الحموي المعروف بأبي خرص ، والطواشي صفي الدين جوهر الهندي إلى دمشق لدفن والده ، فلما وصلاها اجتمعا مع الأمير عز الدين أيدمر نائب السلطنة بدمشق ، وعرفاه المرسوم فبادر إليه وحمل الملك الظاهر ـ رحمهالله تعالى ـ من القلعة إلى التربة ليلا على أعناق الرجال ، ودفن بها ليلة الجمعة خامس شهر رجب الفرد من هذه السنة.
وفي سادس عشر ذي القعدة وقف الملك السعيد هو وعز الدين محمد ابن شداد بإذنه وتوكيله وحضوره المدرسة المذكورة والقبة مدفنا وباقيها مسجدا لله تعالى برسم الصلوات ، وقراءة القرآن العزيز ، والاعتكاف ، وباقي الدار مدرستين إحداهما شرقي الدار هي للشافعية ، والأخرى