وزيادة من رأى استحقاقه من الأمراء ، وخلع عليهم ، وسير الأمير جمال الدين أقوش المحمدي بتواقيع الأمير علم الدين الحلبي ، فوجدوه قد تسلطن بدمشق ، فشرع الملك الظاهر في استفساد من عنده ، فخرجوا عليه ونزعوه عن السلطنة ، وتوجه إلى بعلبك فسيروا من حضره وتوجه به إلى الديار المصرية ، وصفا الشام للملك الظاهر بأسره في سنة تسع وخمسين وقد ذكرنا في سياق السنين مما تقدم جملا من أخباره وأحواله وفتوحاته وغير ذلك فأغنى عن إعادته.
ولما كان يوم الخميس رابع عشر المحرم من هذه السنة جلس الملك الظاهر بالجوسق الأبلق بميدان دمشق يشرب القمز وبات على هذه الحال ، فلما كان يوم الجمعة خامس عشرة وجد في نفسه فتورا وتوعكا ، فشكا ذلك إلى الأمير شمس الدين سنقر الألفي السلحدار ، فأشار عليه بالقيء فاستدعاه فاستعصى ، فلما كان بعد صلاة الجمعة ركب من الجوسق ، فلما أصبح اشتكى حرارة في باطنه ، فصنع له بعض خواصه دواء ، ولم يكن عن رأى الطبيب ، فلم ينجع وتضاعف ألمه ، فأحضر الأطباء ، فأنكروا استعمال الدواء ، وأجمعوا على استعمال دواء مسهل ، فسقوه فلم ينجع ، فحركوه بدواء آخر كان سبب الإفراط في الإسهال ، ودفع دما محتقنا ، وضعفت قواه ، فتخيل خواصه أن كبده تقطع ، وأن ذلك عن سم سقيه ، وعولج بالجوهر ، وذلك يوم عاشره ، ثم جهده المرض إلى أن قضى نحبه يوم الخميس بعد صلاة الظهر الثامن والعشرين من المحرم ، فاتفق رأي الأمراء على إخفائه وحمله إلى القلعة لئلا يشعر العامة بوفاته ، ومنعوا من هو داخل من المماليك من الخروج ، ومن هو خارج من الدخول ، فلما كان آخر الليل حمله من كبراء الأمراء سيف الدين قلاوون الألفي ، وشمس الدين سنقر الأشقر ، وبدر الدين بيسري ، وبدر الدين الخزندار ، وعز الدين الأفرم ، وعز الدين الحموي ، وشمس الدين سنقر الألفي المظفري ، وعلم الدين سنجر الحموي ، وأبو