أخبرني لمن هو من الشعراء فله ثلاثون حديثا ، وكان معنا رجل يعرف الشعر ، فقال : قولوا له أي شيء هو؟ قلنا له : يا أبا الحسن أي شيء هو؟ فقال محمّد بن مصعب :
والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه |
|
كما يجلّي سواد الظلمة القمر |
قال : فقال الرجل : هذا لسابق البربري ، قال : صدق ، صدق ، فأي شيء بعده ، قال :
والعلم فيه حياة للقلوب |
|
كما يحيي البلاد إذا ما مسها المطر (١) |
قال : صدق والله ، فأي شيء بعده؟ قال :
فأنتم جزر للموت يأخذكم |
|
كما البهائم في الدنيا لنا جزر (٢) |
قال أبو علي الأنصاري : فحدّثنا بالثلاثين التي وعده.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو سعيد الصيرفي ، أنا أبو عبد الله محمّد بن عبد الله بن أحمد الصفار.
وأخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا أبو محمّد الحسن بن محمّد بن أحمد بن يوه (٣) ، أنا أبو الحسن اللّبناني ، قالا : نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني محمّد ـ زاد : اللبناني : بن الحسين ـ نا حماد بن الوليد (٤) ـ زاد اللبناني : الصفار الحنظلي ـ قال : سمعت عمر بن ذرّ يذكر أنه بلغه عن ميمون بن مهران أنه قال : دخلت على عمر بن عبد العزيز وعنده سابق البربري (٥) الشاعر ، وهو ينشده شعرا ، فانتهى في شعره إلى هذه الأبيات :
فكم من صحيح بات للموت آمنا |
|
أتته المنايا بغتة بعد ما هجع |
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتة |
|
فرارا ، ولا منه بحيلته امتنع |
__________________
(١) الأبيات الثلاثة في سيرة ابن الجوزي ص ١٦٨ ـ ١٧٠ من قصيدة لسابق البربري يعظ عمر بن عبد العزيز.
ورواية هذا البيت فيها : والذكر فيه ... إذا ما ماتت المطر.
(٢) في سيرة ابن الجوزي :
أصبحتم جزرا للموت يقبضكم
.... لها جزر.
(٣) ضبطت عن تبصير المنتبه.
(٤) الخبر في سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي من طريق حماد بن الوليد ص ١٧١ ـ ١٧٢.
(٥) بالأصل : اليزيدي ، خطأ.