يقول : ما أحب أن أموت حيث أعرف ، فقيل له : ولم ذاك يا أبا الحسن؟ قال : أخاف أن لا يقبلني قبري فأفتضح (١).
قال : وسمعت السّري : إني لأنظر في أنفي في كل يوم مرارا مخافة أن لا يكون وجهي قد اسودّ (٢).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا وأبو النجم الشّيحي ، أنا أبو بكر الخطيب (٣) ، أنبأ عبد العزيز بن علي الوراق ، أنا علي بن عبد الله الهمذاني ـ بمكة ـ نا مظفر بن سهل المقرئ قال : سمعت علّان الخياط ـ وجرى بيني وبينه مناقب سريّ السّقطي ـ فقال لي علّان : كنت جالسا مع سري يوما فوافته امرأته فقالت : يا أبا الحسن أنا من جيرانك ، أخذ ابني الطائف البارحة ، وكلم ابني الطائف وأنا أخشى أن يؤذيه ، فإن رأيت أن تجيء معي أو تبعث إليه. قال علّان : فتوقعت أن يبعث إليه فقام فكبّر وطوّل في صلاته ، فقالت المرأة : يا أبا الحسن الله الله فيّ ، هو ذا أخشى أن يؤذيه السلطان ، فسلّم وقال لها : أنا في حاجتك ، قال علّان : فما برحت حتى جاءت امرأة إلى المرأة فقالت : الحقي قد خلوا ابنك. قال أبو الطّيّب قال لي علّان : وأيش تتعجب من هذا؟ اشترى منه كرّ لوز بستين دينارا وكتب في رزنامجة ثلاثة الدنانير ربحه. فصار اللوز بتسعين دينارا ، فأتاه الدّلّال وقال له : إن ذاك اللوز أريده ، فقال له : خذه قال : بكم؟ قال : بثلاثة وستين دينارا ، فقال له الدلال : إنّ اللوز قد صار الكرّ بتسعين ، قال له : قد عقدت بيني وبين الله عزوجل [عقدا لا أحله ، ليس أبيعه إلّا بثلاثة وستين دينارا ، فقال له الدلال : إني قد عقدت بيني وبين الله](٤) أن لا أغش مسلما لست آخذ منك إلّا بتسعين ، فلا الدلال اشترى منه ، ولا سري باعه. قال أبو الطيب : قال لي علّان : كيف لا يستجاب دعاء من كان هذا فعله؟
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي يقول : سمعت أبا حاتم السجستاني يقول : سمعت أبا نصر السراج يقول : أخبرني جعفر بن محمّد ، حدّثني الجنيد قال : دخلت على السري يوما فقال لي : عصفور كان يجيء كل يوم فأفتّ له الخبز
__________________
(١) حلية الأولياء ١٠ / ١١٦ وسير الأعلام ١٢ / ١٨٧ والنجوم الزاهرة ٢ / ٣٣٩.
(٢) المصادر نفسها.
(٣) تاريخ بغداد ٩ / ١٨٨ ـ ١٨٩.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن تاريخ بغداد ، وم.