كنت نائما عند سري ـ رحمهالله ـ فأنبهني فقال لي : يا جنيد رأيت كأني قد وقفت بين يديه تعالى فقال لي : يا سري خلقت الخلق فكلهم ادّعوا محبتي ، وخلقت الدنيا فهرب مني تسعة أعشارهم وبقي معي العشرة ، وخلقت الجنة فهرب مني تسعة أعشار العشر وبقي معي عشر العشر ، فسلّطت عليهم ذرة من البلاء فهرب مني تسعة أعشار العشر ، فقلت للباقين معي : لا الدنيا أردتم ، ولا الجنة أخذتم ، ولا من النار هربتم ، فما ذا تريدون؟ قالوا : أنت تعلم ما نريد ، فقلت لهم : فإني سلطت عليكم من البلاء بعدد أنفاسكم ما لا تقوم له الجبال الرواسي أتصبرون؟ قالوا : إذا كنت أنت المبتلي لنا فافعل ما شئت ، [قال :] هؤلاء عبادي حقا.
أخبرنا أبو القاسم المستملي ، أنبأنا أبو بكر الحافظ ، أنبأنا أبو سعد الشعيبي ، قال : سمعت أبا بكر محمّد بن أحمد بن محمّد بن يعقوب المفيد يقول : سمعت الجنيد بن محمّد يقول
سمعت سري السّقطي يقول : وقد كلمته يوما في شيء من المحبة فضرب يده إلى جلدة ذراعه فمدها ثم قال : والله لو قلت إن هذا حن على هذا من محبة الله لصدقت ثم أغمي عليه ، ثم تورّد وجهه حتى صار مثل القمر.
قال : سمعت أبا عبد الرّحمن السّلمي يقول : سمعت أبا نصر الطوسي يقول : سمعت جعفر الخلدي يقول : سمعت الجنيد يقول : قال رجل لسري السقطي : كيف أنت؟ فأنشأ يقول :
من لم يتب والحب حشو فؤاده |
|
لم يدر كيف تفتّت الأكباد (١) |
سمعت أبا المظفّر بن القشيري يقول : سمعت أبي الأستاذ أبا القاسم يقول : سمعت عبد الله بن يوسف الأصبهاني يقول : سمعت أبا الحسين بن عبد الله العوطي الطّرسوسي يقول : سمعت الجنيد يقول : سمعت السّري وسمعت أبا بكر محمّد بن أحمد بن الحسن يقول : سمعت الفقيه أبا رشد بن إسماعيل باري عبد الملك بن علي يقول : سمعت علي بن عبد الله بن شاذان الطوسي يقول : سمعت والدي يقول : سمعت أبا نصر عبد الله بن علي السراج يقول : سمعت جعفرا ولدي يقول : اللهم مهما عذبتني
__________________
(١) الخبر والبيت في حلية الأولياء ١٠ / ١١٩.