بشيء فلا تعذبني بذلّ الحجاب.
أخبرنا بها أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني جعفر بن محمّد بن نصر ، حدّثني الحسين بن محمّد ، قال : سمعت السّري يقول : اللهم مهما عذبتني به من شيء فلا تعذبني بذلّ الحجاب (١).
سمعت أبا المظفر يقول : سمعت والدي يقول : سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يحكي عن الجنيد أنه قال (٢) :
سألني السّري يوما عن المحبة فقلت : قال قوم : هي الموافقة ، وقال قوم : الإيثار ، وقال قوم : كذا وكذا ، فأخذ السّري جلدة ذراعه ومدّها فلم تمتد ، ثم قال : وعزّته لو قلت إن هذه الجلدة يبست على هذا العظم من محبته لصدقت ، ثم غشي عليه ، فدار وجهه كأنه قمر منير (٣).
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو النجم ، أنبأ أبو بكر الخطيب (٤) ، أنا أبو نعيم ، أنا جعفر الخلدي ـ في كتابه ـ قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كنت يوما عند السّري بن المغلّس وكنا جالسين (٥) ، وهو متّزر بمئزر فنظرت إلى جسده كأنه جسد سقيم دنف مضنى ، كأجهد ما يكون فقال : أنظر إلى جسدي هذا لو شئت أن أقول أن ما بي (٦) هذا من المحبة كان كما أقول لكان وجهه أصفر ، ثم انتثرت حمرة حتى تورّد ثم اعتلّ ، فدخلت عليه أعوده فقلت له : كيف تجدك؟ فقال :
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي |
|
والذي أصابني من طبيبي (٧) |
فأخذت المروحة أروّحه فقال لي : كيف يجد روح المروحة من جوفه محترق من داخل ، ثم أنشأ يقول :
__________________
(١) حلية الأولياء ١٠ / ١٢٠.
(٢) الخبر في الرسالة القشيرية ص ٤١٨.
(٣) الرسالة القشيرية : «قمر مشرق» ومثلها في م.
(٤) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ٩ / ١٩١ نقلا عن أبي نعيم ، وسقط الخبر والشعراء من ترجمة السري في حلية الأولياء.
(٥) في تاريخ بغداد : خاليين.
(٦) بالأصل «أرماني» والمثبت «أن ما بي» عن م ، وتاريخ بغداد.
(٧) ورد الشعر في تاريخ بغداد نثرا.