الإسلامي ، ومنها ما هو من بنات أفكار القاضي ، أو يأخذه من العرف والعادة. والاختلافات تفض بين المتخاصمين على أيدي الرؤساء صلحا على الأكثر. وقلّ أن يراجع البدوي الحكومة في مسائله لأن من أصولها البحث والتحقيق ، وهو يحب قضاء عاجلا ، وأن يحكم له أو عليه في جلسة واحدة ، وينفى القاتل في بعض القبائل سبع سنين فإذا صالح أهل القتيل ودفع الدية يعود إلى عشيرته ، وتختلف دية القتيل بين (٣٣) ألف غرش إلى (١٥) ألفا ، ولا يحق عند بعضهم لأحد بعد سبع سنين أن يثأر للقتيل ، والأخذ بالثأر كثير عندهم ، ولا مدة عند معظمهم للمطالبة بالثأر. ومن المأثور عنهم أن البدوي أخذ ثأره بعد أربعين سنة وقال : إنني تعجلت أخذه. وجزاء السارق تغريمه المال المسروق من ضعفين إلى أربعة أضعاف ، وينجو السارق بالفرار ، ويدفع الضارب للمضروب إذا عطل منه عضوا نصف الدية. والزاني يرجم عندهم حتى يموت ولكنهم تساهلوا في هذا الحكم ، والفحش عندهم على نسبة ما هو عند الحضر ويكثر في بعض العشائر ويقل بحسب اختلاطها بأهل المدن وبعدها عنها ، والخمور لا أثر لها في البادية لأن العرب قلما يشبعون الخبز والإدام فمالهم إذا والمدام ، ولشظف العيش عندهم يعدون في الأعياد اليوم الذي ينزل على شيخهم ضيف يجب أن ينحر له شاة فإنهم في تلك الوجبة مدعوون كلهم بالطبيعة ، وعندما يأكلون اللحم فترى قطعانه تسافر من فوق الرؤوس حتى يطعم من «المنسف» البعيد منهم عنه ، وتسمع عندها تعريق اللحم عن العظم أشبه بأصوات حيوانات وقعت على عظام.
ويكثر تعدد الزوجات بينهم خصوصا عند من يملك بعض نعجات أو بضعة أباعر فتراه طول النهار وجزءا من الليل ، تحت خيمته يتقهوى أي يشرب القهوة مستلقيا على قفاه ، يقص أقاصيصه وينعم ببطالته ، على حين ترعى امرأته وبناته الغنم والجمال ، ويحتطبن الحطب أو يجمعن العشب ، وتحمل المرأة الماء على رأسها من مكان بعيد ، أو تستقيه في قرب تحملها على حمار إن كان صاحبها من أهل اليسار ، وتستخرج المرأة الزبد والسمن وتعمل الجبن وتخبز الخبز وتهيئ الطعام. ويعيش أولادهم كالسائمة في البرية بدون عناية ويهلك معظمهم قبل الخامسة من العمر ، ولهذا تكون أجسام من يفلتون