ومنعكس التأثيرات الطريفة والتالدة ، ومثال الشعب ورقيه ووجهه الوضاح الجميل ، وفي قبضتهم مفاتيح المفاخر ومغاليق المآثر وهم المذكورون وهم المشهورون ، ومصير غيرهم إلى الخمول والعفاء.
من أجل هذا كان على تلك الطبقة أن تتحلى بحلى الفضيلة والشرف ، وأن تكون عفيفة الطعمة حسنة الأحدوثة ، بعيدة عن الموبقات والبذخ والسرف ، حريصة على النهوض بالأمة تشارك في المسائل المدنية عن عقيدة راسخة وتأخذ بأيدي العاثرين والبائسين ، وتلقن أبناء أمتها علما ينتج الثروة ويحفظ المجد ، ويولي الكرامة. وإذا جنت بالظهور من دون استعداد له وحاولت الاحتفاظ بمكانتها دون أن تتذرع بأسباب البقاء ، وبتجديد مواد حياتها الحين بعد الآخر ، فإن عزها لا يلبث أن يزول ، وسعادتها توشك أن تضمحل ، ومن العبث أن تعيش هذه الطبقة بشهرة أجدادها من الحكام وأهل الشرف وأرباب المظاهر ، وأن تعتقد أن جماع المفاخر وقف على أحسابها وأنسابها ، وتطلب من كل إنسان أن يرفع مقامها لأن من أجدادها من كان على شيء من الفهم أو الظهور ، أو أنه كان يسفك الدماء ويستحل أكل أموال الناس حتى أثرى وخلف عقارا وقرى وصامتا وناطقا. ورب صعلوك في نظر المتمجدين كبير في عيون الخلق. والكبير من كبرت أخلاقه ، ونفع الناس وانتفع بهم.
وإذا جئنا نحاسب مثلا بعض من انتسبوا إلى الدين ، وهم أشرف الفئات في العرف نراهم أقرب الناس إلى امتهانه بأعمالهم ، يأتون ما لا ينطبق على جلال منزلتهم. فقد فشت المطامع فيهم واستحلوا الأموال مهما كان لونها وطعمها ورائحتها ، وأتوا للاحتفاظ بمظاهرهم القديمة من الأعمال ما بدت به مقاتلهم ، فقضوا بفساد ذممهم على أوضاع الأمة ، وركبوا مراكب الهوى واستمرأوا لأنفسهم أكل ما اعتقدوه حلالا طيبا فأضاعت الأمة مشخصاتها ومقوماتها ، وأصبحت مزيجا غريبا لا تعرف كيف تكيفه. وليس في المجتمع من يناقشهم الحساب ، وكيف يناقشون وهم المرجع وهم الهادون. وكان المشار إليهم بالبنان من أهل هذه الطبقة في الدهر الغابر ، يدلون بشممهم على الخلفاء والسلاطين ، ويسيطرون بإخلاصهم على القضاة والحاكمين ، ومن هانت عليه عزة نفسه يوشك أن يستهين بكل محمدة. ولقد أدركنا أحد كبار شيوخ