غصبنيها والد الأمير ، وهي اليوم في يده ، قال : ألك بيّنة؟ قال : إنّما تقام البينة بعد الحكومة إلى القاضي ، فإن رأى الأمير أيّده الله أن يحملني وإياه على حكم الإسلام ، قال : فدعا عبد الله بن طاهر بالقاضي نصر بن زياد ، ثم قال للرجل : ادّع ، قال : فادّعى الرجل مرة بعد أخرى ، فلم يلتفت إليه نصر بن زياد ولم يسمع دعواه ، فعلم الأمير أنه قد امتنع عن استماع الدعوى حتى جلس الخصم مع المدّعي ، فقام عبد الله بن طاهر من مجلسه حتى جلس مع خصمه بين يديه ، فقال نصر للمدّعي : ادّع (١) ، فقال : أدّعي ـ أيّد الله الأمير (٢) القاضي ـ إن ضيعة لي بهراة وذكرها بحدودها وحقوقها ، هي لي في يدي (٣) الأمير أيّده الله ، فقال له الأمير عبد الله بن طاهر : أيها الرجل قد غيّرت الدعوى ، إنما ادّعيت أوّلا على أبي ، فقال له الرجل : لم أشته (٤) أن أفضح والد الأمير في مجلس الحكم ، أدّعي أن والد الأمير قد كان غصبني عليها وأنها اليوم في يد الأمير ، فسأل نصر بن زياد عبد الله بن طاهر عن دعواه ، فأنكره ، فالتفت إلى الرجل فقال : ألك بيّنة؟ قال : لا ، قال : فما الذي تريد ، قال : يمين الأمير بالله الذي لا إله إلّا هو ، قال : فقام الأمير إلى مكانه ، وأمر الكاتب ليكتب إلى هراة (٥) ، فردّ الضيعة عليه.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وابن سعيد ، قالا : نا وأبو النجم الشّيحي (٦) ، أنا أبو بكر الخطيب (٧) ، أنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ، نا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو الفضل الربعي ، حدّثني أبي ، قال : قال المأمون لعبد الله بن طاهر : أنا أطيب مجلسي أو (٨) مجلسك؟ قال : ما عدلت بك يا أمير المؤمنين شيئا ، فقال : ليس إلى هذا ذهبت ، [إنما ذهبت](٩) إلى الموافقة في العيش واللذة ، قال : منزلي يا أمير المؤمنين ، قال : ولم ذلك؟ قال : لأني فيه مالك وأنا هاهنا مملوك.
__________________
(١) بالأصل وم : «ادعى».
(٢) سقطت اللفظة من مختصر ابن منظور والمطبوعة.
(٣) في م : في يد الأمير.
(٤) بالأصل وم : أشتهي.
(٥) في مختصر ابن منظور : بردّ.
(٦) بالأصل وم : الشيخي ، خطأ ، والسند معروف.
(٧) تاريخ بغداد ٩ / ٤٨٣.
(٨) عن تاريخ بغداد ، وبالأصل وم : «إلى».
(٩) الزيادة عن تاريخ بغداد.