وقد كان عثمان استعمل عمرو بن العاص على حرب مصر ، واستعمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح على الجزية وخراج الأرض ، وعبد الله بن سعد رضيع عثمان ، فتواشيا إلى عثمان ، فكتب عمرو إلى عثمان : إن عبد الله قد أمسك يدي عن غزوتي ، وحال بيني وبين أن أنفذ لشيء من حربي ، وكتب ابن سعد إلى عثمان : أن عمرا قد كسر علي جزيتي ، وأخرب عليّ أرضي ، وحال بيني وبين أن أنفذ لشيء من عملي ، فكتب عثمان إلى عمرو فعزله ، وجمع لعبد الله بن سعد الحرب وخراج الأرض ، وقدم عمرو على عثمان متسخطا ، فدخل ذات يوم عليه ، وعليه جبّة له محشوة ، فقال عثمان : ما حشو جبّتك يا أبا عبد الله؟ قال : عمرو بن العاص ، قال : والله ما عن ذاك سألتك ، لقد عرفناك أنك فيها ، لكن إنّما سألتك عن حشوها ، قال : لكني قد أحببت أن أعلمك أن فيها عمرو بن العاص ، قال : وحشد ابن سعد في حمل المال ليصدّق حديثه ، وما كان يكتب به ، فحمل أكثر مما كان يحمل ، فلما قدم ذلك على عثمان أرسل إلى عمرو ، فدخل عليه ، فقال : هل علمت يا أبا عبد الله أنّ اللّقاح قد درّت (١) بعدك؟ قال : إنكم أعجفتم أولادها ، ثم أقام عمرو بالمدينة.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمرو (٢) بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر (٣) ، نا أسامة بن زيد الليثي ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : كان عمرو بن العاص عاملا لعثمان بن عفّان على مصر ، فعزله عن الخراج وأقرّه على الصلاة والجند ، واستعمل عبد الله بن سعد بن أبي سرح على الخراج فتباغيا (٤) ، فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان : إن عمرو بن العاص كسر عليّ الخراج ، وكتب عمرو إلى عثمان : إن عبد الله بن سعد قد كسر عليّ مكيدة الحرب ، فكتب عثمان إلى عمرو أن انصرف ، فعزله ، وولّى عبد الله بن سعد الجند والصّلاة مع الخراج بمصر.
قال : وأنا محمّد بن عمر ، حدّثني شرحبيل بن أبي عون ، عن عيّاش بن عبّاس ،
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي م : كثرت.
(٢) بالأصل وم : أبو عمرو ، خطأ ، والصواب ما أثبت ، وقد مرّ التعريف به.
(٣) الخبر في سير أعلام النبلاء ٣ / ٣٤ ـ ٣٥.
(٤) سير الأعلام : فتداعيا.