قال : لما عزل عثمان بن عفان عمرو بن العاص عن الخراج بمصر وولاه عبد الله بن سعد كتب إلى عبد الله بن سعد : أمّا بعد ، فقد رأيت ما صنعت بك ، عزلت عنك عمرو بن العاص واستعملتك ، فإذا جاءك كتابي هذا فاحشد في الخراج ، وإيّاك في حشدك أن تظلم مسلما أو معاهدا.
قال : فبعث إليه عبد الله بن سعد بمال قد حشد فيه ، فلما وضع بين يدي عثمان قال : عليّ بعمرو بن العاص ، فأتي به مسرعا فقال : ما تشاء؟ فقال عثمان : يا عمرو ، أرى تلك اللّقاح قد درّت (١) بعدك ، فقال عمرو : إنّما درّت (٢) لهلاك فصالها ، وإنها قد هزلت ، قال : فسكت عثمان.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن محمّد بن علي ، أنا أبو عبد الله النهاوندي ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى التستري ، نا خليفة العصفري (٣) ، قال : وفيها ـ يعني سنة سبع وعشرين ـ عزل عثمان بن عفّان عمرو بن العاص عن مصر وولّاها (٤) عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، فغزا ابن أبي سرح إفريقية ومعه العبادلة : عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير بن العوّام ، فلقي جرجير ـ وجرجير في مائتي ألف ـ بسبيطلة (٥) على سبعين ميلا من القيروان (٦) ، فقتل جرجير وسبوا وغنموا.
وقال محمد بن سعيد (٧) : بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقال ذهب ، وسهم الرّاجل ألف ، وأقام ابن أبي سرح بسبيطلة مدينة قمودة (٨) فبعث إليه أهل القصور والمدائن فصالحوه على مائتي ألف رطل من ذهب.
__________________
(١) عن م وبالأصل : ذرت.
(٢) عن م وبالأصل : ذرت.
(٣) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٥٩.
(٤) بالأصل وم : وولاه ، والصواب عن تاريخ خليفة.
(٥) انظر أيضا معجم البلدان.
(٦) في م : بنيانه.
(٧) وفي تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين ص ٣١٨) التقى هو وجرجير بسبيطلة على يومين من القيروان ، وكان جرجير في مائتي ألف مقاتل ، وقيل في مائة وعشرين ألفا ، وكان المسلمون في عشرين ألفا.
(٨) كذا بالأصل وم وتاريخ خليفة ، وليست في معجم البلدان ، وفيه : قمونية مدينة بأفريقيا ، كانت موضع القيروان قبل أن تمصر القيروان.