قال الخطيب (١) : وحدّثني أبو القاسم الأزهري من حفظه ، قال : سمعت أحمد بن إبراهيم بن شاذان يقول في المذاكرة : خرج أبو بكر بن أبي داود إلى سجستان في أيام عمرو بن الليث فاجتمع إليه أصحاب الحديث وسألوه أن يحدّثهم فأبى ، وقال : ليس معي كتاب ، فقالوا له : ابن أبي داود وكتاب؟ قال أبو بكر : فأثاروني ، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي ، فلما قدمت بغداد ، قال البغداديون : مضى ابن أبي (٢) داود إلى سجستان ولعب بالناس ، ثم فيّجوا فيجا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة ، فكتبت وجيء بها إلى بغداد ، وعرضت على الحفّاظ بها فخطئوني في ستة أحاديث ، منها : ثلاثة حدّثت بها كما حدّثت ، وثلاثة أحاديث أخطأت فيها.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتاني ، قال : كتب إليّ أبو ذرّ عبد بن أحمد ، وحدّثني عنه عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي عنه قال : وسمعت أبا حفص بن شاهين يقول : أملى علينا ابن أبي داود نحو العشرين سنة ، ما رأيت بيده كتابا ، إنما كان يملي حفظا.
قال : وسمعت ابن شاهين يقول : كان ابن أبي داود يقعد على المنبر بعد ما عمي وكان ابنه أبو معمر يقعد تحته بدرجة وبيده كتاب يقول له : حديث كذا ، فيقول من حفظه حتى يأتي على المجلس ، وكان قرأ عليهم يوما حديث القنوت (٣) من حفظه ، فقام أبو تمّام الزينبي وقال : لله درّك ، ما رأيت مثلك إلّا أن يكون إبراهيم الحربي ، فقال ابن أبي داود : كلما كان يحفظ إبراهيم فأنا أحفظه ، وأنا أعرف الطبّ ، وإبراهيم ما كان يعرفه ، وأنا أعرف النجوم وإبراهيم ما كان يعرف (٤).
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ، وعلي بن الحسن ، قالا : نا وأبو النجم بدر بن عبد الله ، أنا أبو بكر الخطيب (٥) ، أنا عبيد الله بن عمر المروروذي ، أنا أبي قال : سمعت أبا حامد بن أسد (٦) المكتب يقول : ما رأيت مثل عبد الله بن سليمان بن
__________________
(١) تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٦.
(٢) بالأصل وم : «مضى أبو داود» والصواب عن تاريخ بغداد.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي سير الأعلام وتذكرة الحفّاظ : الفتون.
(٤) نقله الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٢٤ ـ ٢٢٥ وتذكرة الحفاظ ٢ / ٧٦٩.
(٥) تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٥.
(٦) بالأصل وم : أسة.