الأشعث ـ يعني : في العلم ـ وذكر كلاما كثيرا ما ضبطته (١) إلّا إبراهيم الحربي ، وأحسب أنه قال : ما رأيت بعد إبراهيم مثله ، أو كلاما يشبه هذا.
قال الخطيب (٢) : وسمعت بعض شيوخنا وأظنه هبة الله بن الحسن الطبري يحكي عن عيسى بن علي بن عيسى الوزير أنه كان يشير إلى موضع في داره فيقول : نا أبو القاسم البغوي في ذلك الموضع ، وحدّثنا يحيى بن صاعد في ذلك الموضع ، وحدّثنا أبو بكر بن مجاهد في ذلك الموضع ، وذكر غير هؤلاء ، فيقول (٣) له : لا نراك تذكر أبا بكر بن أبي داود ، فيقول : ليته إذا مضينا إلى داره كان يأذن لنا في الدخول إليه والقراءة عليه.
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ قراءة ـ نا عبد العزيز بن أحمد الصوفي ، قال : كتب إليّ أبو ذرّ عبد بن أحمد الهروي من مكة ، وحدّثني عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي عنه قال : سمعت أبا حفص بن شاهين يقول : لما أراد الوزير عيسى بن علي أن يصلح بين ابن أبي داود وابن صاعد جمعهما عنده وحضر القاضي أبو عمر فقال الوزير لابن أبي داود : أبو محمّد أكبر منك ، فلو قمت إليه يا أبا بكر وسلّمت عليه ، فقال : لا أفعل ، فقال له الوزير : أنت شيخ زيّف ، فقال ابن أبي داود : الشيخ الزيّف الكذاب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال الوزير : من (٤) الكذاب على رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : هذا ، ثم قام وقال : تتوهم أن (٥) أذل لك لأجل أنّ رزقي يصل على يدك ، والله لا أخذت من يدك شيئا أبدا ، ويوم آخذه تكون عليّ مائة بدنة محلّلة مهداة إلى بيت الله الحرام ، فكان المقتدر بعد ذلك يرزق رزقه بيده ويجعله في طبق ويبعثه إليه على يد الخادم ، وكان مولد ابن صاعد (٦) سنة تسع وعشرين ، ومولد ابن أبي داود سنة ثلاثين ، بينهما سنة ، أو كما قال.
وسمعتهم يقولون : مولد ابن منيع (٧) سنة أربع عشرة ، وكان يملي ويقول : نا إسحاق الطالقاني سنة خمس وعشرين ، قبل أن يولد محدّثوكم يشير إلى ابن صاعد ،
__________________
(١) بالأصل وم ، ضبطه ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) تاريخ بغداد ٩ / ٤٦٧.
(٣) تاريخ بغداد : فيقال له.
(٤) من قوله : لابن أبي داود إلى هنا سقط من م.
(٥) عن م ، وبالأصل : أن.
(٦) هو يحيى بن محمد بن صاعد.
(٧) يعني أبا القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله بن المرزبان البغوي ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٤٤٠.