في البلاد العربية ، إنه قطعة حية من صميم المجتمع الإسلامي ، وهو مركز ثقافي ضخم ، يسهم في النهوض بالثقافة في مصر خاصة وفي العالم الإسلامي عامة عن طريق بعثاته العلمية التي يوفدها الأزهر إلى الأمم العربية والإسلامية في أفريقيا وآسيا وغيرهما ولا يمكن أن يكون في عزلة وأبناؤه من طلاب وأساتذة هم من مختلف طبقات الوطن على أن التاريخ قد وعى اشتراك الأزهر في كل الثورات القومية والوطنية في مصر خلال تاريخها الطويل ، وعلى أن ثورات التحرر في العالمين العربي والإسلامي إنما كان قادتها ـ في أغلب الأحيان ـ من أبناء الأزهر وخريجيه.
٥ ـ تاريخ الأزهر مرتبط بتاريخ الإسلام ، فلا يمكن أن يقول قائل : إن الأزهر لم تعد له ضرورة : فما دام دين الله باقيا على الأرض ، فإن الأزهر باق بإذن الله لدراسة علوم الإسلام ولنشر هدايته في الأرض جميعا.
ورسالة الأزهر لا بد أن تقوم أولا على خلق وعي فكري إسلامي داخل بيئة الأزهر العلمية ، وهذا الوعي جدير بتكوين شخصية فكرية مستقلة للأزهر أولا ولكل من يتخرج منه ثانيا. ولكي نعاون على خلق هذا الوعي يجب أن نفكر أولا : في مناهج الأزهر التي يسير عليها ، ففي رأيي أنها لم تعد صالحة كل الصلاحية للسير بالثقافة الإسلامية فيه إلى ما يتمناه لها وله المخلصون.
ثانيا : في الدراسات العليا في الأزهر الجامعي : هذه الدراسات التي لم يعد لها وجود في الأزهر ، والتي ترجع بالأزهر من صبغته الجامعية الواسعة النطاق إلى صبغة مدرسية محدودة.
ثالثا : في قوانين الأزهر كلها ، المنظمة له ، والموجهة للثقافة فيه ولا بد من الاستعانة في هذه السبيل بنظم الجامعات ولوائحها في مصر وفي كل مكان ، على ألا يفقد ذلك الأزهر طابعه الإسلامي ، وشخصيته التي عرف بها منذ أجيال بعيدة.