إذا سمعوا ذلك ، فلما ألقى ذلك إلى الناس أنكره الأمراء ، وضرب كلّ واحد منهم طبله وخالف، فلم يبق معه من أحد ، وأرادوا قتله فمنهم منه ملك تمور ، وقام دونه ففرّ إلى أبيه في عشرة من الفرسان سمّاهم ياران موافق ، معناه الأصحاب الموافقون فأعطاه أبوه الأموال والعساكر وأمره بالعود إلى التلنگ (٧٩) فعاد إليها ، وعلم أبوه بما كان أراد ، فقتل الفقيه عبيدا ، وأمر بملك كافور المهردار فضرب له عمود في الأرض محدود الطرف وركّز في عنقه حتى خرج من جنبه طرفه ورأسه إلى أسفل وترك على تلك الحال وفرّ من بقى من الأمراء إلى السلطان شمس الدين ابن السلطان ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بلبن واستقرّوا عنده.
ذكر مسير تغلق إلى بلاد اللكنوتي وما اتّصل بذلك إلى وفاته.
وأقام الأمراء الهاربون عند السلطان شمس الدين (٨٠) ، ثم إن شمس الدين توفي وعهد لولده شهاب الدين فجلس مجلس أبيه ، ثم غلب عليه أخوه الأصغر غياث الدين بهادور بوره ، ومعناه بالهندية : الأسود ، واستولى على الملك وقتل أخاه قطلوخان وساير إخوته وفرّ شهاب الدّين وناصر الدين منهم إلى تغلق فتجهز معهما بنفسه لقتال أخيهما وخلّف ولده محمدا نائبا عنه في ملكه وجدّ السير إلى بلاد اللكنوتي ، فتغلب عليها وأسر سلطانها غياث الدين بهادور ، وقدم به أسيرا إلى حضرته.
وكان (٨٠) بمدينة دهلي الولي نظام الدّين البذاوني (٨٢) ولا يزال محمد شاه ابن السلطان يتردّد إليه ويعظم خدّامه ، ويسأله الدعاء ، وكان يأخذ الشيخ حال تغلب عليه ، فقال
__________________
(٧٩) يتناقش المؤرخون الهنود مسئولية محمد تغلق في هذه الحوادث ، هذا وقد أرسل حالا إلى تيليكانا (telingana) وهذه الغارة الثانية لعام ٧٢٣ ـ ١٣٢٣ أدت إلى امتداد حكمه إلى مملكة كاكاتيا (kakatia).
(٨٠) ناصر الدين محمود ابن بلبن سلطان البنغال كان تنازل عن الحكم عام ٦٩٠ ـ ١٢٩١ لصالح ابنه ركن الدين كيكوس (kaikaus) الذي ظل في الحكم إلى عام ٧٠٢ ـ ١٣٠٢ ـ شمس الدين فيروز خلفه.
ابن بطوطة الوحيد الذي قدمه الينا كولد لناصر الدين شمس الدين فيروز بسط سيادته على شرق وجنوب البنغال بيد أن هذه السيادة تعرضت بسرعة فائقة لاعتراض ابنائه : غياث الدين بها دور المدعو بوره (bhura) الذي استقر في الشرق. وشهاب الدين الذي أزاح والده خلال بعض الوقت عن الحكم في اللكنوتي (lakhnawti) البنغال عام ٧١٨ ـ ١٣١٨. في سنة ٧٢٢ ـ ١٣٢٢ عند وفاة شمس الدين فيروز قام غياث الدّين باقصاء سائر إخوته باستثناء شهاب الدّين وناصر الدّين ، وبفعل إلحاحات هذين الاخوين أعطيت المبررات لتدخل من دهلي. ابن بطوطة الشخص الوحيد أيضا الذي تحدث عن فرار المتآمرين إلى البنغال ...
(٨١) الغارة تؤرخ بعام ٧٢٤ ـ ١٣٢٤ ، ناصر الدين عين سلطانا لشمال البنغال بينما ألحق الباقي بأمبراطورية دهلي.
(٨٢) البذاوني معروف تحت اسم نظام الدين أولياء ، (١٢٣٨ ـ ١٣٢٤ م) كان أحد المشاهير الممثلين للطريقة الشيشتية في الهند ، كان تلميذا لفريد الدين البذاوني ... لم يكن على حالة طيبة مع تغلق ، بيد أن قبره في دهلي ما يزال إلى الآن مكانا يقصد للزيارة ... ـ يراجع الجزءiii ١٣٥ ـ ١٣٦ ـ تعليق ٥٣.