تعرف بالنسبة إلى الملك بشير ، وذلك في أواخر جمادى الثانية سنة ثنتين وأربعين (١٣٧) ، فاعتكفت بها شهر رجب وعشرا من شعبان ، وانتهيت إلى مواصلة خمسة أيّام وافطرت بعدها على قليل أرز دون إدام ، وكنت أقرأ القرآن كلّ يوم واتهجّد بما شاء الله ، وكنت إذا أكلت الطعام أذاني ، فإذا طرحته وجدت الراحة ، وأقمت كذلك أربعين يوما ثمّ بعث عنّي ثانية.
ذكر ما أمرني به من التوجّه إلى الصين في الرسالة
ولمّا كملت لي اربعون يوما بعث إليّ السلطان خيلا مسرجة وجواري وغلمانا وثيابا ونفقة فلبست ثيابه وقصدته ، وكانت لي جبّة قطن زرقاء مبطّنة لبستها أيّام اعتكافي فلمّا جرّدتها ولبست ثياب السلطان أنكرت نفسي! وكنت متى نظرت إلى تلك الجبّة أجد نورا في باطني ، ولم تزل عندي إلى أن سلبني الكفّار في البحر. ولمّا وصلت إلى السلطان زاد في إكرامي على ما كنت أعهده ، وقال لي : إنّما بعثت إليك لتتوجّه عنّي رسولا إلى ملك الصين فإنّي أعلم حبك في الأسفار والجولان ، فجهّزني بما احتاج له وعيّن للسفر معي من يذكر بعد (١٣٨).
__________________
(١٣٧) ٧٤٢ ـ دجنبر ١٣٤١.
(١٣٨) هنا فقط شعر الناشران d.s. بالحاجة إلى الاتيان بالنص الكامل لما قاله ابن خلدون في مقدمته عن رحلة ابن بطوطة وتناجي الناس بتكذيبه مما بسطته بإسهاب في المقدمة وسنذكره في ملاحق هذا التاليف.