السلطان وزيره خواجة جهان أن يذهب إلى مدينة كمال بور (١٩) وهي مدينة كبيرة على ساحل البحر ، وكان أهلها قد خالفوا فأخبرني بعض الفقهاء انّه حضر دخول الوزير إيّاها قال : وأحضر بين يديه القاضي بها والخطيب فأمر بسلخ جلودهما ، فقالا له : اقتلنا بغير ذلك ، فقال لهما : بما استوجبتما القتل؟ فقالا : بمخالفتنا أمر السلطان ، فقال لهما : فكيف أخالف أنا أمره وقد أمرني أن اقتلكما بهذه القتلة ، وقال للمتولّين لسلخهما : احفروا لهما حفرا تحت وجوههما يتنفّسان فيها فانّهم اذا سلخوا ، والعياذ بالله ، يطرحون على وجوههم ، ولمّا فعل ذلك تمهّدت بلاد السند وعاد السلطان إلى حضرته.
ذكر الوقيعة بجبل قراجيل (٢٠) على جيش السلطان
وأول اسمه قاف وجيم معقودة ، وجبل قراجيل هذا جبل كبير يتّصل مسيرة ثلاثة أشهر ، وبينه وبين دهلي مسيرة عشر ، وسلطانه من أكبر سلاطين الكفار ، وكان السلطان بعث ملك نكبية (٢١) رأس الدويداريّة إلى حرب هذا الجبل ، ومعه مائة الف فارس ، ورجّاله سواهم كثيرا فملك مدينة جدية (٢٢) ، وضبطها بكسر الجيم وسكون الدال المهمل وفتح الياء آخر الحروف، وهي أسفل الجبل ، وملك ما يليها وسبى وخرّب وأحرق وفرّ الكفار إلى أعلى الجبل وتركوا بلادهم واموالهم وخزائن ملكهم.
وللجبل طريق واحد ، وعن أسفل منه واد وفوقه الجبل فلا يجوز فيه الّا فارس منفرد خلفه آخر ، فصعدت عساكر المسلمين على ذلك الطريق وتملّكوا مدينة ورنكل (٢٣) التي بأعلى الجبل ، وضبطها بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الكاف ، واحتووا على ما فيها وكتبوا إلى السلطان بالفتح فبعث اليهم قاضيا وخطيبا ، وأمرهم بالإقامة.
فلمّا كان وقت نزول المطر غلب المرض على العسكر وضعفوا وماتت الخيل وانحلّت القسّي ، فكتب الأمراء إلى السلطان واستأذنوه في الخروج عن الجبل والنزول إلى أسفله بخلال ما ينصرم فصل نزول المطر فيعودون فأذن لهم في ذلك ، فأخذ الأمير نكبية الأموال
__________________
(١٩) كمال بّور ، هناك مدينة بهذا الاسم توجد على مقربة كراتشي الحالية بيد أن التّعريف بها يظل مجهولا عند المؤلفين من غير ابن بطوطة.
(٢٠) هذه الكلمة : (قراجيل) تغطى مجموع الهيمالاياhimalaya لكن الأمر يتعلق هنا على ما يبدو جدّا بالسهل الذي يقع شمال دهلي في المنطقة الحالية : هيماشال براديش (pradesh) هذا وان تاريخ الحركة لم يعرف وينبغي أن يكون فيما بين ٧٣٠ ـ ٧٣٣ ـ ١٣٣٠ ـ ١٣٣٣.
(٢١)(malik nikpay) ذكرت في بداية السفر الثاني في الفصل المعنون بالجميل والقبيح في محمد ابن تغلق ...
(٢٢) جدية علم جغرافي لم نقف على تحديده.
(٢٣) ورنگل : مدينة أعطيت اسم رئيسها في تلينگاناtelingana.