جنده وهي التي عند القصبة من حضرة فاس حرسها الله تعالى فإنها لا نظير لها سعة وارتفاعا ، ونقش الجص بها لا قدرة لأهل المشرق عليه (١٣٠)
ويصنع بنيسابور ثياب (١٣١) الحرير من النخ والكمخاء وغيرها ، وتحمل منها إلى الهند ، وفي هذه المدينة زاوية الشيخ الإمام العالم القطب العابد قطب الدين النيسابوري أحد الوعاظ العلماء الصالحين ، نزلت عنده فأحسن القرى وأكرم ، ورأيت له البراهين والكرامات العجيبة.
كرامة له
كنت قد اشتريت بنيسابور غلاما تركيّا فرآه معي ، فقال لي : هذا الغلام لا يصلح لك فبعه ، فقلت له : نعم ، وبعث الغلام في غد ذلك اليوم ، واشتراه بعض التجار ، ووادعت الشيخ وانصرفت ، فلما حللت بمدينة بسطام كتب إلي بعض أصحابي من نيسابور وذكر أنّ الغلام المذكور قتل بعض أولاد الأتراك وقتل به! وهذه كرامة واضحة لهذا الشيخ رضياللهعنه (١٣٢).
وسافرت من نيسابور إلى مدينة بسطام (١٣٣) التي ينسب إليها الشيخ العارف أبو
__________________
(١٣٠) علّق أبو القاسم الزّياني في «الترجمانة الكبرى» على إطراء ابن بطوطة لمدرسة السلطان أبي عنان بأن «هذا من التّغالي في الكذب ... فإن في كل إقليم من أقاليم بلاد العرب كمصر والشام والعراق التي شاهدناها ... ما هو مثلها وأعلى منها ضخامة وتأنقا وحسنا ، واما بلاد العجم والترك فحدث عن البحر ولا حرج ... وقد عقب عبد الحي الكتاني على الزياني متهما إياه بالجهل والغرض وعدم الإنصاف ... هذا ونذكّر هنا بأن المدرسة البوعنانية «المذكورة هنا هي غير «الزاوية البوعنانية» سالفة الذّكر ... والتي التبست على التراجمة بالمدرسة ، كما نذكّر بأن (القصبة) هنا علم جغرافي لموقع بمدينة فاس قريب من المدرسة البوعنانية يعرف حتّى الآن بالقصبة حيث كان الجيش يعسكر لحماية الأمن ... وقد تطلق عبارة (القصبة) على العاصمة ...
(١٣١) يذكر ابن حوقل ان نيسابور تعرف بأبرشهر ، وفيها يقول أبو تمام
أيا سهري بليلة أبرشهر |
|
ذممت إليّ نوما في سواها! |
وتحدث عن فنادق البزّازين فيها : «ويرتفع منها من أصناف البز وفاخر القطن والقز ما ينقل إلى بلاد الاسلام وبعض بلدان الشرق لكثرته وجودته ولإيثار الملوك والرؤساء لكسوته ...».
(١٣٢) لا أدري بماذا نعلل عدم اهتمام ابن بطوطة بزيارة ضريح عمر الخيام ـ وهو من هو في العلم والادب والتاريخ ـ قال القفطى في نعته : إنه إمام خرسان وعلامة الزمان يعلم علم يونان ويحث على طلب الواحد الديّان ... أدركه أجله ٥١٥ ـ ١١٢١.
(١٣٣) بسطام تقع على منتصف الطريق الذي يربط طهران بمشهد. كانت مدينة زاهرة على عهد ياقوت الحموي ...