صحب رجل عيسى بن مريم قال : فانطلقنا فانتهينا إلى شط نهر فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة ، فأكلا رغيفين وبقى رغيف ، فقام عيسى إلى النهر يشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف ، فقال للرجل : من أكل الرغيف؟ قال : لا أدري ، فانطلق معه ، فرأى ظبيا معها خشفان (١) فدعا أحدهما فأتاه ، فذبحه واشتوى وأكلا ، قال للخشف : قم بإذن الله ، فقام ، فقال للرجل : أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف؟ قال : لا أدري ، ثم انتهى إلى البحر ، فأخذ عيسى بيد الرجل فمشى على الماء ، ثم قال : أنشدك بالله أراك هذه الآية من أخذ الرغيف؟ قال : لا أدري ، ثم انتهيا إلى مغارة وأخذ عيسى ترابا وطينا فقال : كن ذهبا بإذن الله ، فصار ذهبا فقسمه ثلاثة أثلاث ، فقال : ثلث لك ، وثلث لي ، وثلث لمن أخذ الرغيف ، فقال : أنا أخذته ، قال : فكلّه لك ، وفارقه عيسى ، فانتهى إليه رجلان ومعهم مال فأرادا أن يأخذه ويقتلاه ، قال هو بيننا أثلاثا ، قال : فابعثوا أحدكم إلى القرية يشتري لنا طعاما ، فبعثوا أحدهم ، فقال الذي بعث : لأيّ شيء أقاسم هؤلاء المال ، ولكن أضع في الطعام سما فأقتلهم ، وقال ذيناك : بأي شيء نعطي هذا ثلث المال ، ولكن إذا رجع قتلناه ، قال : فلمّا رجع إليهم وأكلوا الطعام فماتا ، فبقي ذلك المال في المغارة ، وأولئك الثلاثة قتلى عنده.
قال : وأخبرناه ابن الأعرابي ، حدّثنا أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني (٢) ، حدّثنا روح (٣) ، حدّثنا هشام ، عن الحسن.
أن عيسى بن مريم مرّ ومعه ناس من الحواريين ، فأتوا على ذهب كثير موضوع ، فقال عيسى : النجاء النجاء إنما هي النار ، ثم مضى ، ومضى أصحابه ، وتخلّف منهم ثلاثة ، فقال رجلان منهم لصاحبهما : إنّا لا نستطيع هذا الذهب إلّا أن نحمله على شيء ، فخذ من هذا الذهب فاشتر لنا به طعاما ، واشتر لنا ظهرا نحمل عليه من هذا الذهب ، فانطلق لما أمراه به ، فأتى الشيطان الرجلين فقال لهما : إذا أتاكما فاقتلاه واقسما المال نصفين ، فلمّا أحكم أمرهما انطلق إلى الآخر فقال : إنّك لن تطيق هذين ، فاجعل في الطعام سمّا فأطعمهما واذهب بالمال وحدك ، فابتاع من المدينة سما ، فجعله في طعامهما فلمّا أتاهما وثبا عليه فقتلاه ، ثم قرّبا
__________________
(١) الخشف مثلثة الخاء ، ولد الظبي أول ما يولد ، أو أول مشيه ، أو التي نفرت من أولادها ونفرت (القاموس المحيط).
(٢) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٨٩ وتهذيب الكمال ١٢ / ٥٢.
(٣) هو روح بن عبادة أبو محمد البصري ، ترجمته في تهذيب الكمال ٦ / ٢٣٥.