مجالسه مع وزيره جعفر بن يحيى البرمكى حينما ينظر فى الأمور الهامة لأنه ، يأنس برأيها ، ويطمئن إليها (١).
ومن أسباب غزو المعتصم لعموريه أن الإمبراطور البيزنطى تيوفيل هاجم زبطره ونهبها ، وقتل من بها من الرجال وسبى الذرية والنساء وقيل إنه كان فى جملة السبى امرأة فسمعت وهى تقول : وامعتصماه فبلغ المعتصم ما فعله إمبراطور الروم ، فكبر عليه ذلك وأنكره ، وبلغته ما قالته الهاشمية ، فقال وهو مجلسه : لبيك لبيك ، ونهض من ساعته ، وصاح فى قصره : الرحيل الرحيل ، وسار على رأس جيش كبير وهاجم عمورية ، ودمرها تدميرا (٢).
ه. الأخلاق والعادات
عرفنا أن العناصر الرئيسية فى بغداد كانت العرب والفرس والترك ويغلب على كل عنصر من هذه العناصر عادات وصفات معينة ميزتهم عن غيرهم ، فكان العرب يميلون إلى البداوة ، ويتعصبون لبنى جنسهم وهم سريع التأثر بالحضارة ، فإذا تحضروا انغمسوا فى البذخ والترف. أما الفرس فقد ورثوا مدنية قديمة.
فعملوا على نقلها ، ولهم مقدرة إدارية كبيرة ومهارة فى إدارة الشؤون الأقتصادية وتنمية موارد الثروة ، وعنوا عناية شديدة بالحياة الثقافية ، فقاموا بدور كبير فى رواج الحياة العلمية فى بغداد ، لكنهم كانوا يميلون إلى إظهار نحلهم القديمة ، والانتقام من العرب لما لحقهم منهم من سوء معاملة فى العهد الأموى ، وكانوا يميلون إلى التشيع : على أن الترك خالفوا الفرس فى الأهتمام بالحياة الثقافية بل كانوا أشبه بالبدو لأنهم لم يكونوا أهل مدينة وحضارة ، وقد أكسبتهم البداوة قوة فى البدن وخشونة فى الطبع والإعتداد بقوة الجسم وعرف الشجاعة وحب الفروسية (٣) ، ويسميهم الجاحظ أعراب العجم.
__________________
(١) ابن طباطبا : الفخرى فى الآداب السلطانية ص ١٩٠.
(٢) ابن طباطبا : الفخرى فى الآداب السلطانية ص ٢١٠.
John Glubb : The Empire of the Arabs. p. ٥٦٢.
(٣) محمد جمال الدين سرور ـ تاريخ الحضارة الإسلامية فى الشرق ص ١٩٢.