الفصل الثالث
فى منكرات تيمور فى بغداد خاصة
فى سنة ٨٠٣ ه (١٤٠٠ م) عاد تيمور من زحفته على ديار الشام وتوجه نحو بغداد وكان السلطان أحمد قد أبقى فى المدينة الأمير فرجا وعهد إليه دفع المهاجمين وذهب هو إلى قره يوسف فى الموصل واتفق الأثنان على أن يكونا تحت جناح سلطان آل عثمان لأنه هو وحده كان قادرا على أن يناوئ ذلك الفاتح الظافر ومن كان فى أثره من البشر الشبيه بالهامر.
فشرع فرج بالمهمة التى اودعت إلى عهدته وأخذ يدافع عن البلد دفاع البطل الصنديد إلا أن تيمور الذى كان قد بعث بادئ بدء بعضا من أمرآء جيشه استصوب الذهاب هو بنفسه إلى المعسكر وكان أصحابه قد حاصروا المدينة من الجهة الجنوبية والقوا جسرا من القوارب على دجلة فذهب جند التتار وعسكر على طريق آلتون كبرى بازآء قرية العقاب. ولما التحم القتال دام أربعين يوما حوالى العاصمة وأظهر البغداديون من الشجاعة والبسالة والمهارة فى المقاتلة والدفاع ما يعز ورود مثله فى التاريخ فعلم التتار أن البغداديين بل وجميع العراقيين ليسوا كسائر خلق الله أنهم إذا أرادوا شيئا يبذلون فى سبيله كل علق نفيس بل النفس ذاتها.
إلا أن هذا الحصار الطويل سبب القحط والغلآء فالتزم أهل المدينة أن يأتوا ما تلجئ إليه الضرورة أى أنهم اندفعوا إلى القنوط واليأس ثم إلى الفرار وترك الأخوه المرتبطين برباط حب الوطن.