كذلك حذق الأطباء فى بغداد فى طب الأسنان ، فقسموا الأسنان إلى ٣٢ سنا منها فى اللحى الأعلى ستة عشر سنا وفى اللحى الأسفل كذلك ، وتوجد قواطع أربع فى كل واحد من اللحيين عراض محددة الأطراف ، وعن جنبى هذه الأربع فى كل واحد من اللحيين سنان رءوسها حادة ، وأصولها عريضة وهى الأنياب ، وبها يكسر كل ما يحتاج إلى تكسيره من الأشياء الصلبة مما يؤكل ، وعن جانبى النابين فى كل واحد من اللحيين خمس أسنان ، وهى الأضراس ، وتسمى الطواحين لأنها تطحن كل ما يؤكل ، وكان فى بغداد أطباء للعيون (١).
كذلك برع أهل بغداد فى علم الصيدلة ، ومن أبرز علماء الصيدلة كوهين العطار اليهودى الذى وضع كثيرا من المؤلفات منها كتاب الصيدلة ، شرح فيه العقاقير شرحا وافيا وأوضح طريقة عمل المشروبات والجرعات والمساحيق والحبوب وغيرها.
الكيمياء :
كذلك نشط أهل بغداد فى دراسة علم الكيمياء ، وأخرجوا فيه أبحاثا قيمة ، ومن أشهر علماء الكيمياء جابر بن حيان ، ولد بخراسان سنة ١٢٠ ه درس الكيمياء على يد أستاذه جعفر الصادق ، وأقام فى بغداد ، واتصل بالبرامكة ، ونال حظوة عندهم ، وغادر بغداد بعد نكبة البرامكة ، ويعتبر جابر بحق واضع علم الكيمياء ، أعتمد على التجربة فى وضع نظرياته ، وتحقيق ما كتب ، وألف كتبا فى الرياضة والفلسفة والفلك بالإضافة إلى ذلك (٢).
ولقد توصل من خلال أبحاثه إلى تكوين الزئبق والكبريت وله أبحاث فى التفاعلات الكيماوية والمعادلات ، فمثلا حدد العناصر التى تكون الذهب وكان جابر ينصح تلاميذه دائما بالتجربه وعدم الاعتماد فى الأبحاث العلمية إلا عليها مع التدقيق فى الملاحظة والاحتياط والتأنى فى الاستنتاج ، لأن التجربة طريق
__________________
(١) المصدر السابق ج ٢ ص ٣٨٦.
(٢) عبد الحليم منتصر : تاريخ العلم عند العرب ص ١٦٢.