الفصل الثامن
حادثة جاثليق النساطرة
ومحاولة الإسماعيليين لقتل حاكم بغداد
وقع حدثان فى ذلك العهد ولا شك أنهما وقعا فى أيام حكم عطاء الملك على بغداد وأول هاذين الحدثين أمر جاثليق النساطر فأن هذا الخير كان يقيم فى بغداد منذ مصرت هذه المدينة وجعلت دار خلافة إلا أنه فى سنة ٦٦٨ ه (أى سنة ١٢٦٨ م) رأى نفسه مجبورا أن يغادر العاصمة أثر قبتة وقعت فيها والسبب هو أن الجاثليق المذكور (وكان اسمه دنحا) وقد كان خلفا لسلفه (مكيكا) حبس عنده نسطوريا كان قد أسلم قبل بضع سنوات وأشاع بعض المفسدين من أهل الأهواء أن نية الجاثليق أن يغرقه فى الشط فتجمهر المسلمون مفتتين أمام دار الحكومة فبعث الوالى مرارا إلى الجاثليق طالبا منه أن يسلمه الرجل المحبوس فابى مصرا على بقائه فى قصره فما كان من الرعاع إلا واحرقوا باب دار الجاثليق ورواقه وتسلقوا الجدار ليدخلوا عليه ويقتلوه فلم يعثروا عليه لأن الوالى كان قد وجه إليه رجالا لينقذوه من أيدى الأوباش فنجحوا فى سعيهم وهزموه ببنات الطريق ومن بعد أن نجا اشتكى على أولئك الرعاع أمام ديوان القان لكن سعيه ذهب ادراج الرياح فلما رأى أن لأقبل له بالإقامة فى عاصمة العباسيين عقد النية على تبديل مقامه فذهب وأقام كرسيه الجاثليقى فى اربل.
وأما الحدث الثانى فهو أن بعض الإسماعيلية (١) حاولوا أن يقتلوا والى المدينة فاخفق سعيهم فقبض عليهم ومزقوا اربا اربا فاشاع بعض الرعاع أن هؤلاء الإسماعيلية من النساطرة وقد أرسلهم إلى بغداد جاثليقهم انتقاما منه فكانت هذه
__________________
(١) إحدى الفرق «الشيعه».