ـ فقد عاش فى بغداد فريق منهم دون أن يتعرض لآضطهاد العباسيين ، وكان وزراء العباسيين الفرس يميلون إلي العلويين ، ويحاولون أبعادهم عن بطش بنى العباس ، بل ويسعون لدى الخلفاء للنظر فى احتياجاتهم وتلبيتها ، وظهر طالبيون فى بغداد وصلوا إلى أعلى المناصب ، فيقطين دخل فى خدمة أبى العباس والمنصور ـ وكان شيعيا ـ وكان ابنه على يحمل الأموال إلى أبى جعفر محمد بن على (١) ، ووفد على بغداد وأقام بها فترة من الوقت الإمام الشافعى ، وكان شديدا فى التشيع ، وحضر ذات يوم مجلسا فيه بعض الطالبيين. فقال لا أتكلم فى مجلس يحضره أحدهم ، وهم أحق بالكلام ولهم الرياسة والفضل (٢) ، على أن ازدياد خطر العلويين فى عهد الرشيد دفعة إلى إخراج الطالبيين من بغداد إلى المدينة المنوره (٣).
ومما لا شك فيه أن العلويين انتعشوا فى عهد المأمون فقد نقل ـ كما ذكرنا ـ ولاية العهد إلى على بن موسى ، وأمر الناس بلبس الخضرة بدلا من السواد.
لكن على بن موسى لم يلبث أن توفى. وعاد المأمون إلى بغداد ، وأمر الناس بالعودة إلى لبس السواد. وظهر فى بغداد علويون لهم نشاط علمى كبير مثل الواقدى ، ولى القضاء المأمون ، وكان عالما بالمغازى والسير والفتوح واختلاف الناس فى الحديث والفقه (٤). وأوصى المأمون آخاه المعتصم بالعلويين خيرا.
ب ـ أهل الذمة
شكل أهل الذمة فى بغداد فى العصر العباسى الأول عنصرا هاما من عناصر المجتمع. والواقع كانت معاملة الخلفاء ورجال الدولة لهم تتم عن عدل وتسامح وكرم ، وأطلق الخلفاء لرؤسائهم الروحيين مباشرة أمور وشئون أبناء ملتهم ، وكان
__________________
(١) ابن النديم : الفهرست ص ٣١٤.
(٢) المصدر السابق ص ٢٩٥.
(٣) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٢١ ه.
(٤) ابن النديم : الفهرست ص ١٤٤.