نا ابن أبي الدنيا ، نا أبو كريب الهمداني ، نا عبد الله بن نمير ، عن مجالد ، عن الشعبي عن زياد قال :
ما غلبني أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ في شيء من السياسة إلّا بابا واحدا ، استعملت فلانا ، فكسر خراجه ، فخشي أن أعاقبه ، ففرّ إلى أمير المؤمنين ، فكتبت إليه : إن هذا أدب سوء لمن قبلي ، فكتب إليّ : إنّه لا ينبغي أن نسوس سياسة واحدة أن نلين جميعا فيمرح الناس في المعصية ، ولا نشتد جميعا فنحمل الناس على المهالك ، ولكن تكون للشدة والفظاظة والغلظة ، وأكون أنا للين ، والألفة والرحمة.
أخبرنا خالي القاضي أبو المعالي ، محمّد بن يحيى بن علي قال : قرأت على أبي القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم التنيسي ـ بها ـ قلت له : أخبرك أبو بكر أحمد بن عبيد الله بن محمّد بن إسحاق ، نا أبو مسلم محمّد بن أحمد بن علي الكاتب ، أنا أبو بكر محمّد ابن الحسن بن دريد ، أنا أبو حاتم عن العتبي قال : قال زياد :
ما غلبني معاوية في السياسة إلّا في أمر واحد ، استعمل رجلا من بني (١) تميم ، فكسر الخارج ، ولحق بمعاوية ، فكتب إليه إن هذا أدب سوء ، فابعث به إليّ ، فكتب إليه : لا يصلح أن نسوس الناس أنا وأنت بسياسة واحدة ، فأمّا أن نشتد نهلك الناس ونخرجهم إلى أسوأ أخلاقهم ، وإن لنا جميعا أبطرهم ذلك ، ولكن ألين وتشتد ، وتلين وأشتد ، فإذا خاف خائف وجد بابا يدخله (٢).
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيوية.
ح وأخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو الطيب عثمان بن عمرو بن محمّد بن المنتاب.
قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن ، أنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن ابن برقان ـ يعني ـ جعفرا :
إن عمرو بن العاص كتب إلى معاوية يعاتبه في التأني ، فكتب إليه معاوية : أما بعد ، فإن التفهم زيادة ورشد ، وإنّ الرشيد من رشد عن العجلة ، وإنّ الخائب من خاب عن الأناة ، وإن
__________________
(١) استدركت على هامش «ز».
(٢) أنساب الأشراف ٥ / ٩١ ـ ٩٢ طبعة دار الفكر.