دخل مصلّاه جعل عليه ، قال : وذاك من الكبر (١) ، ودخل عليه إنسان وهو يبكي فقال : ما يبكيك؟ قال : هذا الذي كنتم تمنّون لي.
قال : ونا يعقوب ، نا شهاب بن عباد ، نا محمّد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني (٢) ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :
لما أصاب معاوية اللقوة (٣) بكى ، فقال له مروان : ما يبكيك يا أمير المؤمنين ، فقال : راجعت عنه عزوفا (٤) ، كبرت سني ، ورقّ عظمي ، وكثر الدمع في عيني ، ورميت في أحسني وما يبدو مني ، ولو لا هواي في يزيد لأبصرت قصدي (٥).
أخبرنا أبو بكر بن كرتيلا ، أنا أبو بكر الخيّاط ، أنا أبو الحسين السوسنجردي ، أنا أحمد بن أبي طالب ، حدّثني أبي ، حدّثني السعيدي ، حدّثني عمر بن علي بن عمر بن مسلم ، أنا محمّد بن إسحاق العثماني ، نا أبو يوسف محمّد بن أحمد ووصفه بفضل ، نا فياض بن محمّد القرشي ، عن جعفر بن برقان ، عن يزيد بن أبي زياد قال :
خرج معاوية حاجا ، فاطّلع في بئر عادية (٦) ، فأصابته اللقوة ، فخرج على الناس معصبا وجهه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس ، إن ابن آدم بعرض بلاء إمّا معافى فيشكر ، وإمّا مبتلى فيصبر ، وإمّا معاقب بذنب ، ولست أعتذر من إحدى ثلاث : إن ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي ، وآمل أن أكون منهم ، ولئن عوفيت فلقد عوفي الخطّاءون قبلي ، وما آمن أن أكون أحدهم ، ولئن ابتليت في أحسني فما أحصي صحيحي وإمّا آمن أن تكون عقوبة من ربي ولو لا هواى في يزيد لأبصرت أمري ، وذكر حديثا طويلا.
أخبرنا أبو الحسن الفرضي ، أنا أبو الفتح الرازي ، وأبو محمّد بن فضيل ، قالا : أنا أبو الحسن بن عوف ، أنا أبو علي بن منير ، أنا أبو بكر بن خريم ، نا هشام بن عمّار (٧) ، نا عبد المؤمن بن مهلهل القرشي ، حدّثني رجل من الزياديين قال :
__________________
(١) تاريخ الإسلام (٤١ ـ ٦٠) ص ٣١٥ وسير الأعلام ٣ / ١٥٥.
(٢) من طريقه رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ١٥٥ ـ ١٥٦.
(٣) اللقوة : داء يكون في الوجه يعوج منه الشدق. والذي في تاريخ الإسلام أنه أصابته لقوة ، يعني بطل نصفه.
(٤) بالأصل و «ز» : عزوبا ، والمثبت عن سير الأعلام.
(٥) في «ز» : لأبصرت أمري ، وبعدها بياض ، وكتب على هامشها : مطموس.
(٦) بئر عادية : قديمة ، ولعل النسبة تعود إلى عاد وهم قوم ثمود.
(٧) من طريقه رواه الذهبي في سير الأعلام ٣ / ١٥٦.