ثم دخل الخضراء ، فلم يخرج حتى خرج إلى صلاة الظهر ، فصلّى الظهر ، ثم أخرجوا جنازة معاوية ، فدفنوه فلبثنا حتى كان مثل ذلك اليوم من الجمعة المقبلة ، فبلغنا أن ابن الزبير خرج من المدينة وحارب ، وكان معاوية قد غشي عليه قبل ذلك غشية ، فركب به الركبان ، فلمّا بلغ ذلك ابن الزبير خرج. ثم كان مثل ذلك اليوم الجمعة المقبلة ، صلّى بنا الضحاك بن قيس الظهر ، ثم أقبل علينا بوجهه فقال : تعلمون أنّ خليفتكم يزيد بن معاوية قد أظلّكم ، ونحن خارجون غدا ومتلقّوه (١) ، فمن أحب منكم أن يتلقاه معنا فعل.
قال : فلما صلّوا الصبح ركب وركبنا معه ، وكنت فيمن ركب ، فساروا (٢) إلى ثنية العقاب وما بين باب توما وبين ثنية العقاب بيت مبني بقرى إلى قرى العجم ، فسرنا ، فلمّا صعدنا في ثنية العقاب إذا بأثقال يزيد بن معاوية قد تحدّرت في الثنية ، قال : ثم سرنا غير كثير ، فإذا يزيد في ركب من كلب معه من أخواله وهو على بختي له رحل ورائطة مثنية في عنقه ، ليس عليه سيف ولا عمامة ، قال : وكان رجلا كثير اللحم ، عظيم الجسم ، كثير الشحم ، وفي نسخة كثير الشعر ، قال : وقد أجفل شعره وشعث ، قال : فأقبل الناس يسلّمون عليه ويعزونه ، وقد دنا منه الضحّاك (٣) ..... (٤) ابن إبراهيم ، وعبد الله بن عبد الرزّاق.
ح وأخبرنا أبو الحسن بن زيد ، أنا نصر بن إبراهيم.
__________________
(١) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المختصر : وملتقوه.
(٢) بالأصل : فسار ، والمثبت عن «ز».
(٣) سقط بالأصل و «ز» ، بمقدار ورقة أو ورقتين فاختل السياق ، نستكمل هنا الخبر عن مختصر ابن منظور :
ابن قيس بين أيديهم ، فليس منا أحد يتبين كلامه ، إلّا أنا نرى فيه الكآبة والحزن وخفض الصوت ، والناس يعيبون منه ذلك ويقولون : هذا الأعرابي الذي ولّاه أمر الناس ، والله سائله عنه ، وسار مقبلا إلى دمشق فقلنا : يدخل من باب توما ، حتى دنا منها فلم يفعل ، ومضى مع الحائط إلى باب الشرقي ، فقال الناس : يدخل من باب الشرقي ، فإنه باب خالد بن الوليد الذي دخل منه حين فتح ، فلما دنا من الباب أجازه إلى باب كيسان ، ثم أجاز باب كيسان إلى باب الصغير ، فلما وافى الباب رمى بزمام بختيته فاستناخ ثم تورك فبرك ، ونزل الضحاك بن قيس ، ومضى يمشي بين يديه إلى قبر معاوية ، فصلى عليه وصففنا خلفه ، وكبّر أربعا ثم أمر بنعليه حين خرج من المقابر فركبها حتى أتى الخضراء ، ثم أذن المؤذن الصلاة جامعة ، لصلاة الظهر ، وقد اغتسل ولبس ثيابا نقية وجلس على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر موت معاوية قال : إن معاوية كان يغزيكم البر والبحر ، ولست حاملا أحدا من المسلمين في البحر ، وإن معاوية كان يشتيكم بأرض الروم ، ولست مشتيا أحدا من المسلمين بأرض الروم ، وإن معاوية كان يخرج لكم العطايا أثلاثا ، وأنا أجمعه لكم كله. قال : فافترقوا وما يفضلون عليه أحدا. (وانظر البداية والنهاية ٨ / ١٥٣).
(٤) سقط بالأصل و «ز» ، ونعود هنا إلى الاستعانة بالنسخة د.